قوله تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون 82}
  صدقوا، وقيل: عملوا خصال الإيمان، والأول أوجه؛ لأنه عطف عليه «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» يعني الطاعات.
  ويقال: لِم ذكر العمل الصالح، وهو داخل في الإيمان؟
  قلنا: على المعنى الأول - أنه التصديق - السؤال زائل، وعلى المعنى الثاني: جَمَعَ بين الصفتين ليدل على أنهم لم يضموا إلى الإيمان عمل الفساد؛ لأنه يقال: مؤمن في الظاهر، ومؤمن في الحكم، فأزال الإشكال، وبالغ في الوصف «أُوْلَئكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ» يعني: يصحبونها ويلازمونها بالسكون فيها «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» أي دائمون.
  · الأحكام: الآية تدل على أن الجنة تُسْتَحَقُّ بالعمل الصالح، فيبطل قول من يقول: لا اعتبار بالعمل، والثواب والعقاب ليس بجزاء على الأعمال.
  وتدل على أن الجنة وثوابها تُنَالُ بالأعمال الصالحة مع الأنبياء، خلاف قول المرجئة: إنها تنال مع المعاصي والإخلال بالواجبات، وخلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنها تنال من غير طاعة.
  وتدل على أن نعيم الجنة دائم، فيبطل قول من يجوز انقطاعها.
  وتدل على أن الخلود عبارة عن الدوام، فيبطل قول المرجئة: إنه عبارة عن غير الدوام.
  ويقال: هل يلزم من أجاز الاستثناء في الوعيد أن يجيزه في الوعد؟
  قلنا: نعم؛ لأنه خبر كالوعيد، وذلك يؤدي إلى بطلان جميع دلالات القرآن؛ لتجويز التخصيص من غير دليل.