التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون 82}

صفحة 461 - الجزء 1

  صدقوا، وقيل: عملوا خصال الإيمان، والأول أوجه؛ لأنه عطف عليه «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» يعني الطاعات.

  ويقال: لِم ذكر العمل الصالح، وهو داخل في الإيمان؟

  قلنا: على المعنى الأول - أنه التصديق - السؤال زائل، وعلى المعنى الثاني: جَمَعَ بين الصفتين ليدل على أنهم لم يضموا إلى الإيمان عمل الفساد؛ لأنه يقال: مؤمن في الظاهر، ومؤمن في الحكم، فأزال الإشكال، وبالغ في الوصف «أُوْلَئكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ» يعني: يصحبونها ويلازمونها بالسكون فيها «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» أي دائمون.

  · الأحكام: الآية تدل على أن الجنة تُسْتَحَقُّ بالعمل الصالح، فيبطل قول من يقول: لا اعتبار بالعمل، والثواب والعقاب ليس بجزاء على الأعمال.

  وتدل على أن الجنة وثوابها تُنَالُ بالأعمال الصالحة مع الأنبياء، خلاف قول المرجئة: إنها تنال مع المعاصي والإخلال بالواجبات، وخلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنها تنال من غير طاعة.

  وتدل على أن نعيم الجنة دائم، فيبطل قول من يجوز انقطاعها.

  وتدل على أن الخلود عبارة عن الدوام، فيبطل قول المرجئة: إنه عبارة عن غير الدوام.

  ويقال: هل يلزم من أجاز الاستثناء في الوعيد أن يجيزه في الوعد؟

  قلنا: نعم؛ لأنه خبر كالوعيد، وذلك يؤدي إلى بطلان جميع دلالات القرآن؛ لتجويز التخصيص من غير دليل.