التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 35}

صفحة 2920 - الجزء 4

  وقيل: تتصل بقوله: «وهم» يعني يصدون غيرهم عن البيت، ولا يصلون، يعني لا يصلون، ويمنعون المصلين، فكيف يدعون ولايته؟، عن أبي مسلم.

  · المعنى: «وَمَا كَانَ صَلاُتهُمْ» قيل: دعاؤهم، وكانوا يقيمون المكاء والتصدية مقام الدعاء والتسبيح، وقيل: أراد بالصلاة، أي يعملون كعمل الصلاة بما فيه هذا، وقيل: أراد أنه ليس له صلاة، ولأن من كان صلاته المكاء والتصدية فلا صلاة له، وقيل: إذا صلى الناس فهم يصفرون «إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً» قيل: المكاء الصفير، والتصدية التصفيق، عن ابن عباس وابن عمر وعطية والحسن ومجاهد وقتادة والسدي، قال أبو علي: كان بعضهم مصديا لبعض ليراه بذلك الفعل، وكان يصفر له مراءاة، ولا يذكرون اللَّه كما يفعله المؤمنون، وقيل: المكاء الصوت، والتصدية أن يصيح الصائح فيجيبه الصدى، والمراد أن صلاتهم ودعاءهم غير راد عليهم نفعًا وثوابًا إلا كما يجيب الصدى الصائح؛ أي: لا يستجاب لهم، ولا يقبل دعاؤهم وصلاتهم، وحظهم رجوع ذلك الصوت إليهم كما يصدر، عن أبي مسلم. وقيل: التصدية: صدهم عن المسجد الحرام، وعن الصلاة ودين اللَّه، عن سعيد بن جبير وابن زيد وابن إسحاق. وقيل: المُكَاء: صفير على لحن طائر أبيض بالحجاز، يقال له: المَكَّاء، فالمُكَاءُ إدخالهم أصابعهم في أفواههم، فأنكر ذلك جميع أهل اللغة.

  «فَذُوقُوا الْعَذَابَ» أي: عذاب السيف يوم بدر، عن الحسن والضحاك وابن جريج وابن إسحاق. وقيل: عذاب الآخرة، وفي الكلام حذف، أي: يقال لهم إذا عذبوا ذوقوا «بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ» أي جزاء على كفركم.