التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير 41}

صفحة 2931 - الجزء 4

  ما قد سلف، فإن لم ينتهوا قاتلوهم حتى لا تكون فتنة وكفر بقتلهم، وما غنمتم من مالهم فحكمه كذا.

  الثاني: أنه رجع إلي ما في مفتتح السورة من ذكر الإنفاق ومسألة من سأل عنها والجواب عن سؤالهم بعد الجواب الذي مضى، كأنه قيل: يسألونك عن الغنائم فاعلموا أن أربعة أخماسه لهم، والخمس لله ورسوله ولسائر مَنْ عدهم في الآية، ذكر أبو [مسلم الوجهين].

  وذكر الأصم أن قوله: «إن كنتم آمنتم» يتصل بقوله: «نعم المولى ونعم النصير»، ثم قال: «إن كنتم آمنتم بالله»؛ لأن النصرة من شرطها الإيمان، وليس ذلك من شرط قسمة الغنيمة، وحمل ما أنزلنا على إنزال الملائكة للنصرة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - حكم الغنيمة، فقال تعالى: «وَاعْلَمُوا» خطاب للمؤمنين «أَنَّمَا غَنِمْتُمْ» ما وصل إليكم من مال أهل الحرب بالمقاتلة «مِنْ شَيءٍ» أي قَلَّ أو كثر حتى الخيط والمِخْيَط «فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ» الأكثر على أنه مفتاح كلام، وإن لله الدنيا والآخرة، عن الحسن بن محمد بن الحنفية وغيره، وعن أبي العالية سهم لله يصرف إلى نفقات أهل الكعبة، وهذا لا يصح لأنه ثبت عن الخلفاء الأربعة أنهم لم يقرروا ذلك بينهم، والآية تؤدي إلى أن يكون الخمس مقسومًا على ستة، وهو خلاف الإجماع، ولأنه ليس بأن يصرف إلى بيت اللَّه أولى من أن يصرف إلى أولياء اللَّه وغيره من القُرَب، ولأن جميع الأشياء لله، فلا معنى لإضافة هذا السهم إليه، ولأن الأشياء له قيل: إنها صارت غنيمة، وقيل: القسمة، ولأنه يؤدي إلى أن يكون المال مشتركًا بينه وبين غيره، ولأنه يؤدي إلى أن يكون سهم له بالقسمة، وهذا محال، ولأن خلافه سقط.