التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير 41}

صفحة 2941 - الجزء 4

  فأما سهم اللَّه فقيل: هو استفتاح الكلام؛ لأن الأشياء كلها له، والمعنى أنه يصرف إلى ما [يقرب منه]، وعليه أكثر المفسرين، وقيل: الصرف إلى أبيات الكعبة، عن أبي العالية، وقد بينا أنه ليس بشيء، وقيل: يصرف في أبواب القرب، كإصلاح طريق المسلمين، وحفر آبارهم، وبناء مساجدهم، وهو مذهب الهادي.

  فأما سهم الرسول فقد كان له سهم في حال حياته يصرفه في مؤنه وما فضل في الكراع والسلاح وغيره من المصالح، وكان لرسول اللَّه ÷ الفيء لقوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} وسهم من الغنيمة؛ لأنه واحد من أهل العسكر، وسهم من الخمس والصفي، وقد كان الصفي له فقط، عن الشعبي، والأول الوجه لظاهر التلاوة، ولأن اللام يدل على الملك، ولأن سهمه كسهم غيره، واختلفوا في سهمه بعد موته، فذكر الطحاوي في اختلاف الفقهاء أن طائفة قالت: إنه للإمام ينفقه على نفسه وعياله ومصالح المسلمين، وطائفة قالت: يجعل في الخيل والكراع في سبيل اللَّه، وطائفة تقول: يسقط بموته، ويجعل في الخمس، ويقسم على ثلاثة، فأما الأول فإليه ذهب الهادي، والثاني قول الشافعي فإنه قال: يصرف إلى مصالح المسلمين، والثالث قول أبي حنيفة، وروي أن الخلفاء الأربعة جعلوا السهم في الكراع والسلاح، وهو اختيار أبي علي وأبي مسلم.

  فأما سهم ذوي القربى فاختلفوا:

  فأما أبو حنيفة وأصحابه فاختلف قولهم فيه، منهم من قال: سقط، ومنهم من قال: لم يسقط ولكن استحقاقه بالفقر، ويقسم الخمس على ثلاثة يدخل القربى في كل ذلك، وكان أبو بكر الرازي يقول: كان استحقاقه زمن النبي ÷ بالنصرة، وبعده بالفقر.