التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور 43 وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور 44}

صفحة 2950 - الجزء 4

  عنْ بعضهم، أو حجاب يفعله، كل ذلك جائز، ويكون معجزة للنبي ÷ «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا» قيل: ليمضي، وقيل: ليتم أمرًا، قيل: إعزاز الإسلام والمسلمين، وليس بتكرار؛ لأن الأول بمعنى جمعكم من غير ميعاد و «يَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفعُولاً» من الالتقاء على تلك الصفة، والثاني أن يقلل كل فئة في عين صاحبها ليقضي اللَّه أمرًا من إعزاز الدين بجهادكم، وقيل: أراد بالأول الوعد بالنصرة يوم بدر، وبالثاني الاستمرار على النصرة، وقيل: هو تأكيد «كَانَ مَفْعُولًا» أي: سيكون ولكن بتحقيق كونه صار كأنه قد كان «وَإلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ» قيل: معناه بالحقيقة ما يفعله - تعالى - كما قال: سترجع إلى قولي، وقيل: جميع مصائر الأمور إلى ملكه ومشيئته ولا حول ولا قوة إلا به، يؤيد [نصرة] المؤمنين ويذل الكافرين، عن أبي مسلم. كما يقال: مرجعي إلى فلان إذا عول عليه، وقيل: أمرهم راجع إليه يحكم بينهم يوم القيامة عن الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن رؤيا النبي، ÷ في قلة أعدائه لطف للمؤمنين في تقوية قلوبهم.

  ومتى قيل: الرؤيا ظن وحسبان فكيف يفعله تعالى؟

  قلنا: يخطر ببال النائم ما يدعوه إلى الظن والاعتقاد فيدعوه إلى الطاعة.

  ويدل قوله: «لَفَشِلْتُمْ» أنه فعل ذلك لطفًا لهم؛ ليسلموا من الفشل والتنازع.

  وتدل على نعمة عظيمة في تقليل كل فئة في عين صاحبها، فيؤدي إلى نصرة المؤمنين، ثم بَيَّنَ - تعالى - نصرهم بوجوه النصر، كل ذلك إعزازا لدينه ونصرًا لأوليائه.