التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم 49 ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق 50 ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد 51}

صفحة 2964 - الجزء 4

  وقيل: هو يتصل بقوله: «محيط» تقديره: أنه عالم لقولهم إذ يقولون، يعني لما رأوا ضعف المسلمين وقلة عددهم فزعم هَؤُلَاءِ الكفار والمنافقون أن هَؤُلَاءِ يزعمون أن لهم دينًا يظهرون به علينا، فقد غرهم ذلك، فلما قالوا ذلك وعِلْمُ اللَّه محيط بقولهم - نَصَرَ المسلمين حتى ظهروا عليهم.

  وقيل: يتصل بقوله: «سميع عليم» تقديره: سميع عليم لقولهم إذ يقول المنافقون، فنصركم وهزمهم.

  يقال: كيف يتصل بقوله: «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ»؟

  قيل: لما رأوا قلة المسلمين وزعموا ما زعموا بَيَّنَ - تعالى - أن الأمر ليس بالكثرة، والقلة لا تضركم، إذا توكلتم على اللَّه فهو ينصركم، وقيل: يتصل بقوله: «فاثبتوا» «واذكروا» فإنكم إن فعلتم ذلك توكلتم ومن يتوكل على اللَّه فهو حسبه، عن أبي مسلم.

  فأمَّا قوله: «ولو ترى» يتصل بما قبله، وعند الغم فيما قالوا وفعلوا.

  · المعنى: «إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ» يعني الَّذِينَ يبطنون الكفر، ويظهرون الإسلام قالوا عند خروجهم من المدينة «وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» قيل: شَكّ وكفر، وقيل: فصل بينهم؛ لأن المنافقين ممن يضمر الكفر، ومن في قلبه مرض أي شك، والشك كفر، والجميع كفار، وإن اختلفت صفتهم وكفرهم، وقيل: المنافق يظهر