قوله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم 67 لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم 68 فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم 69}
  الأرض فبين - تعالى - أن قتله مكان أولى عن أسرهم «تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا» يعني تريدون بأخذ الفداء مال الدنيا، وسمي الفداء عرضًا؛ لقلة لبثه «وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ» أي عمل الآخرة وهو الطاعة المؤدية إلى الجنة، وقيل: تريدون لأنفسكم عرض الدنيا الفانية واللَّه يريد لكم الآخرة الباقية بأن تعملوا بها «وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» أي: قادر، حكيم فيما يفعل، وقيل: قادر على قهر الأعداء وذلك بفعل ما هو الأصلح، وقيل: هو قادر على نصركم، فلا تخافوا قهرًا [من] أحد مع نصرته إياكم وإعزازه لدينكم.
  «لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» اختلفوا في الكتاب على ثلاثة أوجه: فمنهم من قال: المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، ومنهم من قال:
  المراد به القرآن، ومنهم من قال: المراد به الإثخان.
  ثم اختلفت كل فرقة في معنى الآية، فقيل: لولا أنه - تعالى - كتب في اللوح أنه لا يعذبهم على ذلك لعذبهم، عن الحسن.
  وقيل: لولا أنه كتب في اللوح المحفوظ أنه لا يعذب مَنْ شَهِدَ بدرًا مع رسول اللَّه ÷، عن الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وابن زيد.
  وقيل: لولا ما كتب على نفسه من الرحمة والكتاب السابق هو إيجاب الرحمة على نفسه، وتقديره: لولا رحمته، لأصابكم العذاب عن أبي مسلم.