قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير 72 والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير 73 والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم 74 والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم 75}
  تِلْكَ الْمَكَارِمُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شِيبَا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالًا
  والرحم: علاقة القرابة، وأصله من الرحمة؛ لأنهم في القرابة يتراحمون، رحم يرحم إذا رق وتعطف، والرحم والمرحمة والرحمة بمعنى. والأرحام: جمع رحم.
  · الإعراب: «إلا تفعلوه» الضمير يعود إلى معنى ما أمروا به في الآية الأولى والثانية، ومخرجه مخرج الخبر، ومعناه الأمر، كأنه قيل: إن لم تفعلوا ما أمرتم من التعاون في الدين، والتبري من الكفار. (حقًا) تقديره: أحق ذلك حقًا.
  · النزول: قيل: نزلت الآية في الميراث، وكانوا يتوارثون بالهجرة، وجعل اللَّه الميراث للمهاجرين والأنصار دون ذوي الأرحام، ومن آمن ولم يهاجر لا يرث حتى أنزل اللَّه - تعالى -: «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ» فنسخ ذلك وصار الميراث لذوي الأرحام المؤمنين، ولا يتوارث أهل ملتين.
  وعن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي وعن ابن زيد: لما انقطعت ا الهجرة توارثوا بالأرحام، وقال النبي ÷: «لا هجرة بعد الفتح».
  وقيل: نزلت في الموالاة في الدين، وعن النبي ÷ أنه قال: «المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض» ذكره القاضي، وشرط الهجرة في الموالاة، ثم نسخ ذلك بقوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} لما سقطت الهجرة.