قوله تعالى: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين 1 فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين 2}
  ومن كان بينه وبين رسول اللَّه عهد فعهدته إلى مدته، وإن لم يكن عهد فعهده أربعة أشهر. وهذا مخالف ما روينا من نبذ العهد، وسنذكر الاختلاف فيه من بعده.
  واختلفوا في هذه أربعة الأشهر:
  قيل: كان ابتداؤه يوم النحر للعشر من ذي القعدة إلى عشر من شهر ربيع الأول؛ لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك الوقت، ثم صار في السنة الثانية في ذي الحجة، وفيها حجة الوداع في ذلك الوقت، وكان سبب الشيء الذي كان في الجاهلية، عن ابن عباس، وإسحاق، وأبي علي وغيرهما، والنسيء هو التأخير الذي يفعلونه في الحج، على ما نبينه من بعد.
  وقيل: يوم النحر من ذي الحجة إلى عشر من ربيع الآخر، عن الأصم. وكذلك قال سفيان، وذكر أنه ليس هو الأشهر.
  وقيل: إنما الأشهر الحرم وهو: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، عن ابن عباس، والزهري، وأبي مسلم. قال: والآية نزلت في شوال، ودلوا عليه بقوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} قالوا: وهذا فيمن له عهد ومن لا عهد له أجله انسلاخ الأشهر الحرام وذلك خمسون يومًا.
  وقيل: كان منهم من عهده أكثر من أربعة أشهر فحط إليها، ومنهم من كان أقل، فرفع إليها عن الحسن، وابن إسحاق.
  وقيل: كانت الأربعة لمن عهده دون أربعة أشهر، عن الكلبي.
  وقيل: كان كذلك في العهود إلا في حي من كنانة بقي من عهدهم تسعة أشهر فبقاه، وذلك قوله: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ}.
  وقيل: نقض كل عهد كان أكثر من أربعة أشهر ورده إلى أربعة أشهر، عن ابن زيد.