قوله تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم 3 إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين 4}
  · المعنى: لما تقدم ذكر البراءة من المشركين بين - تعالى - أن الواجب إعلامهم بذلك؛ لئلا يبيتوا المسلمين إلى الغدر، فقال سبحانه: «وَأَذَانٌ» أي: إعلام وهذا صورته صورة الخبر والمراد به الأمر؛ أي: أَعْلِمُوا الناس، وكثيرا ما يَرِدُ الأمر بلفظ المصدر مرفوعًا كقوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِن صِيَامٍ}، وكقوله: {فَإِمسَاكٌ بِمَعرُوفٍ}، وكقوله: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}، فأما الإعلام بالبراءة «مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ» قيل: إلى المشركين بأن اللَّه - تعالى - بريء منهم، وقيل: إلى المؤمنين يعني أعلمهم بالبراءة؛ ليستعدوا للقتال.
  «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» فيه ثلاثة أقوال:
  الأول: قيل: يوم عرفة، فيما روي عن النبي ÷، وعن عمر، وعلي، وابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وابن الزبير، وابن الحنفية، وطاووس، وروي عن النبي ÷ أنه خطب يوم عرفة، فقال: «هذا هو يوم الحج الأكبر»، وعن النبي ÷ «الحج عرفة، فمن وقف بعرفة فقد تم حجه»، وسئل علي عن ذلك قال: بعث رسول اللَّه ÷ أبا بكر ليقيم للناس بالحج وبعثني معه بأمر براءة يوم عرفة فخطب الناس يوم عرفة، ثم التفت إليّ وقال: قم يا علي فأدّ رسالة رسول اللَّه ÷، فقمت، وقرأت عليهم أربعين آية من براءة، ثم صدرنا إلى منى وعلمت أن الناس كلهم لم يحضروا الخطبة وكنت أتبع الفساطيط أقرؤها عليهم، ألا وهو يوم عرفة، وهو قول ابن الزبير.
  والثاني: أنه يوم النحر عن علي، وابن عباس، وسعيد بن جبير، وعبد اللَّه بن أبي أوفى، وإبراهيم، ومجاهد، وعبد اللَّه بن شداد، وقيس بن عباد، والشعبي،