قوله تعالى: {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون 85}
  لإحدى التاءين كقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا} ووجه التشديد إدغام التاء في الظاء، كقوله: «اثّاقلتم» والحذف أخف، والإدغام أدل على الأصل، وعن قتادة «تظهرون» مشددة بغير ألف.
  «أُسَارَى تُفَادُوهُمْ» قرأ أبو عمرو ونافع وعاصم والكسائي ويعقوب بالألف فيهما «أُسَارَى تُفَادُوهُمْ»، وقرأ حمزة وحده بغير ألف فيهما، وهو قراءة النخعي ويحيى بن وثاب، واختيار أبي عبيد، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وخلف بن هشام «أسارى» بالألف «تَفْدُوهُم» بغير ألف، فالأسرى جمع أسير كجرحى وجريح، وفي أسارى قولان: أحدهما: أنه جمع أسرى كسكرى وسكارى، والثاني: أنه جمع أسير على التشبيه، بجمع فعلان كسكران وسكارى، وفرق أبو عمرو بين الأسرى والأسارى، فالأسارى الذي في وثاق، والأسرى الذي في اليد، كان يذهب إلى أن أسارى أشد مبالغة، وأنكر ثعلب ذلك، وقال علي بن عيسى: الاختيار أسارى بالألف؛ لأن عليه أكثر الأئمة، ولأنه أدل على معنى الجمع؛ إذ كان فعل يكثر فيه فهو قليل في الواحد، ولأنها لغة الحجاز، والاختيار «تفدوهم» بغير ألف؛ لأنه أخف في اللفظ من غير إخلال بالمعنى.
  «يعملون» قرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر عن عاصم بالياء والباقون بالتاء، ووجه الياء البناء على آخره، ووجه التاء للبناء على أول الكلام: «أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض»، والاختيار وجه التاء؛ لأن عليه الأكثر، ولأنه أدل على المعنى لتغلب الخطاب على الغائب إذا اجتمعا.
  · اللغة: الظهير: العون، وهما يتظاهران: يتعاونان، والظهور: الظفر بالشيء، والأصل في الباب الظهور الذي هو البروز، ومنه سمي الظهر لبروزه، خلاف البطن، ومنه المعاونة، أي قَوَّى كل واحد منهما صاحبه، حتى ظهر.