التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم 5 وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون 6}

صفحة 3033 - الجزء 4

  نُغَالِي اللَّحْمِ للأْضْيَافِ نيا ... ونَبْذُلُهُ إِذَا نَضَج القُدورُ

  أي: نغالي باللحم، قال الزجاج: هو ظرف، كقولك: ذهبت مذهبًا، والفرق بينه وبين الطريق أنه مبهم والطريق محدود. «الَّذِينَ عَاهَدتُم»؛ إلا لأن الذي قبله في معنى النفي كأنه قيل: ليس يكون للمشركين إلا الَّذِينَ عاهدتم، وموضع «الَّذِينَ» يحتمل الجر والنصب.

  · المعنى: ثم بين - تعالى - الحكم في الكفار بعد انقضاء مدة المهل على ثلاثة أوجه: القتل والأسر إن أصروا، والتخلية إن أسلموا، والأمان إن طلبوا البر بأيها، فقال سبحانه: «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ» انقضى وخرج الأشهر الحرم، قيل: أربعة، ثلاثة سرد وواحد فرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب عن جماعة من المفسرين، وهو قول أبي علي، وقيل: هي شهور العهد، وسميت حرمًا؛ لأنه - تعالى - حرمها؛ لأنه - تعالى - حرم فيها القتال ودماء المشركين عن مجاهد، وابن إسحاق، وابن زيد. ثم اختلفوا، فقيل: من عشر من ذي الحجة إلى عشر من ربيع الآخر عن الحسن، قال: وتسمى حرمًا لأن ابتداءه في أشهر الحرم، وقيل: من عشر من ذي القعدة إلى عشر من ربيع الأول، وكانوا حجوا في تلك السنة في ذي القعدة للنسيء، وقيل: أراد انسلاخ المحرم، والمراد بالآية من لا عهد له، فأباح قتله بعد الحُرُم عن الأصم. «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ» فأطلق قتلهم وقتالهم من كل وجه، «حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ» قيل: في الحل والحرم عن الأصم «وَخُذُوهُمْ» يعني أسرى