قوله تعالى: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين 13 قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين 14 ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم 15}
  والإنكار عن الكف، كأنه قيل: قاتلوا، وأوجب ذلك، قال أبو مسلم: وذلك مشهور في كلامهم، وفي العادة يقال: ألا ترحل، ألا تستبري، أما تتقي اللَّه، أما تستحي. قال الشاعر:
  ألا تتقين الله في ذي قرابة ... به من بقايا ما عهدت سقام
  وقوله: «أَتَخْشَوْنَهُمْ» استفهام، والمراد الإنكار، أي: لا تخشوهم.
  ويقال: كم وجهًا يجوز من الإعراب في قوله: «ويخزهم»؟
  قلنا: ثلاثة أوجه: الجزم بالعطف، والنصب على الظرف، والرفع على الاستئناف؛ لأن الأول في تقدير التمام.
  · النزول: نزل قوله تعالى: «وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» قيل: في خزاعة حلفاء رسول اللَّه ÷، عن مجاهد، والسدي. وذلك أنه وقعت بينهم وبين بكر حلفاء قريش منازعة، وقيل: فأعان قريش بني بكر على خزاعة، على ما تقدم.
  وعن قتادة قال: كانت بنو بكر من كنانة غدروا بخزاعة، فلما كان يوم الفتح قال ÷: «كفوا السلاح إلا بني خزاعة من بني بكر» فقاتلوهم حتى العصر، ثم قال: «كفوا السلاح»، ففيهم نزلت «وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ».
  وقيل: في قوله: «نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ» إنها نزلت في اليهود، نكثوا عهد رسول اللَّه ÷ وكفروا وغدروا وأعانوا عليه أعداءه.
  وقيل: نزلت في المشركين من أهل مكة.
  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟