التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون 23 قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين 24}

صفحة 3066 - الجزء 4

  فأما نفقة الأقارب فقد قال أصحابنا: إن النفقة لا تجب مع اختلاف الدين، إلا للوالدين والولد والزوجة والجد إذا كان الأب ميتًا، ومن سواهم إنما تجب نفقتهم مع اتفاق الدين، فأما نفقة الوالدين فلقوله تعالى: {وَصَاحِبهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعرُوفًا}، وليس من المعروف أن يترك حتى يموت جوعًا، ونفقة الولد تجري مجرى نفقة نفسه.

  فأما الأقارب فتجب نفقتها بِرًّا وصلة، فلا تجب مع اختلاف الدين، فلهذا قلنا: يجوز له قتل أخيه الحربي ولا يجوز له قتل أبيه، دل أن صلة الوالدين واجب مع اختلاف الدين دون سائر الأقارب، فأما إذا كان الأبوان حربيين والابن مسلما فدخلا دار الإسلام بأمان فلا تجب نفقتهما عليه؛ لأن صلة الحربي ممنوع منها، وكذلك لا يجوز التصدق عليهم بخلاف الذمي، وهذا كله قول أبي حنيفة.

  وقال الشافعي: نفقة الأقارب غير واجبة إلا من كان له ولاء.

  وقال مالك: لا تجب إلا نفقة الوالدين والولد.

  ولا خلافْ بينهم أن القريب إذا لم يكن له دار رحم محرم لا تجب نفقته.

  وقال الهادي #: كل قريب معسر تجب نفقته على من يرثه، وهو قول ابن أبي ليلى عند أبي حنيفة والشافعي وإذا كان للصغير مال فنفقته في ماله، وعند الهادي على الأب إذا أمكنه في جميع الأحوال، وعند الهادي لا يجوز نكاح الكافرة، ونفقتها فرع النكاح، ولا يتأتى هذا الفرع عنده.