قوله تعالى: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين 25 ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين 26 ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم 27}
  · الإعراب: «يومَ» نصب على الظرف، وقيل: إنه عطف على «مواطن»، كأنه قيل: وفي حنين، فلما حذف الخافض نصب و «حُنَيْنٍ» يجوز صرفه، وبذلك ورد القرآن؛ لأنه اسم لمذكر كزيد وعمرو، ويجوز ترك صرفه على أنه اسم للبقعة، قال الشاعر:
  نَصَروا لبِيَّهُم وَشدّوا أَزرَهُ ... بِحُنينَ يَومَ تواكُلِ الأَبطالِ
  و «ثُمَّ» حرف عطف مع التراخي، وقد ذكرت في الآية في ثلاثة مواضع: «ثُمَّ وَلَّيْتُمْ» عطف على الفعل الأول ضاقت عليكم ثم توليتم.
  الثاني: عطف على وليتم (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ) (ثم يتوب)، وإنما حسن عطف المستقبل على الماضي؛ [لأنه يشاكله فإن الأول تذكير بنعمة الله والثاني وعد بنعمة الله]، فأما في قوله: «بما رحبت» من المصدر؛ أي: برحبتها وسعتها.
  · النزول: نزلت الآية في غزوة أوطاس، وذلك أنهم أعجبوا بكثرتهم، وذلك أنهم زادوا على عشرة آلاف على ما نبينه حتى قال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة، فبين اللَّه - تعالى - أن الواجب الاتكال على النصر دون القلة والكثرة.
  وقيل: لما أمر بقطع عصمة الكفار نزلت الآية بيانًا أنه يتولى المؤمنين قلوا أم كثروا، فلا يجب أن يوالوا الكفار لقرابة أو غيره.
  · المعنى: لما تقدم الأمر بالقتال ووعد النصر عقبه بذكر ما أتاهم من نصره فقال سبحانه: «لَقَدْ» تأكيد للكلام «نَصَرَكُمُ اللَّهُ»: أعانكم على عدوكم «فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ» مواضع قتالكم الذي أقمتم فيها لقتال العدو، وقيل: موطنون فيها أنفسكم على لقاء