التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون 29}

صفحة 3087 - الجزء 4

  استيفائه، فمنهم من قال: تكون دَيْنًا، ومنهم من قال: يستوفون بآخر الحول أو يُرَدُّون إلى دار الحرب. فأما المرتد فلا يحوز أخذ الجزية منه، والاسترقاق لكل كافر إلا الرجال من عبدة الأوثان من العرب.

  فأما الفصل الثالث: فعندنا الجزية عقوبة، وقال أصحاب الشافعي: إنه بدل حقن الدم، ومنهم من قال: بدل سكناهم في دارنا وكونها صَغارًا وبدلاً عن إزالة القتل يدل على أنها عقوبة.

  فأمَّا قدر الجزية وهو الفصل الرابع: فقد اختلفت الروايات عن السلف، وعند أبي حنيفة هم على ثلاث طبقات: يؤخذ من الغني ثمانية وأربعون درهمًا، ومن المتوسط أربعة وعشرون، ومن الفقير المعتل اثنا عشر درهمًا اتباعًا لما جعله عمر بحضرة الصحابة فصار كالإجماع، وقال الشافعي: هي مقدرة بدينار يستوي فيها الغني والفقير، ومنهم من قال: هو موقوف على اجتهاد الإمام، فكذلك اختلف الصحابة، فاختلف عمر فيه.

  فأما الفصل الخامس: فلا خلاف أنه بالإسلام تسقط، وإنما اختلفوا في السنين الماضية، فاختيار أبي حنيفة تسقط، وهو اختيار القاضي، وكذلك تسقط بالموت؛ لأنه وصف بصفة لا تليق بالميت وهو الصغار، وقال الشافعي: لا تسقط لا بالإسلام ولا بالموت، وعلى هذا إذا لم يؤد حتى مضت السنة، فقال أبو حنيفة: تسقط، وقال أبو يوسف ومحمد: تؤخذ بما مضى، واختلف فقال أصحابنا: تجب