التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون 32 هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون 33}

صفحة 3095 - الجزء 4

  والأفواه: جمع، واحدها فَمٌ في الاستعمال، وفُوهٌ في أصل الكلام، إلا أن الهاء حذفت، وأبدلت من الواو؛ لأنه حرف صحيح من مخرج الواو ومشاكل لها.

  والإباء: الامتناع مما طلب، أبيت الشيء أأباه، وهو أَبِيٌّ، وأَبَيَان، قال الشاعر:

  وإن أرادوا ظلمنا أبينا

  والتمام: الكمال، أتم الشيء يُتِمُّ إذا أكمله، وتم هو.

  والظهور: الغلبة، والإظهار التغليب والإظفار، عن أبي مسلم.

  · الإعراب: دخلت «إلا» لأن في (أبَيْت) طرفًا من الجحد، تقول: أبيت أن أفعل كذا، فيكون بمنزلة كذا لم أفعل، وفيه حذف، وتقديره: ويأبى اللَّه كل شيء إلا أن يتم نوره، قال الشاعر:

  وَهَلْ لِيَ أُمٌّ غَيْرُهَاَ إِنْ تَرَكْتُهَا ... أبَيَ اللَّهُ إِلَّا أَن أكون لَهَا ابْنَا

  · المعنى: ثم بيّن - تعالى - ما يقصده المشركون وما يبشر اللَّه - تعالى - نبيه، فقال سبحانه -: «يُرِيدُونَ» يعني من تقدم ذكره من الكفارْ «أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ» قيل: يبطلوا نور اللَّه ودين اللَّه القرآن والإسلام، عن الحسن، والسدي. وقيل: نور اللَّه دليله وبراهينه؛ لأنه بها يهتدى فيريدون إبطالها بالشبه عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: أراد به اليهود والنصارى يريدون أن يلزموا الربوبية للمخلوقين ولا يلزمهم، عن ابن عباس.