التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم 34 يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون 35}

صفحة 3099 - الجزء 4

  وقوله: «ينفقونها» وقد مضى ذكر الذهب والفضة عن أقوال:

  قيل: إن الكناية ترجع إلى مدلول عليه كأنه قيل: ولا ينفقونها أي الكنوز وأعيان الذهب والفضة، عن قطرب.

  وقيل: اكتفى بأحدهما عن الآخر لدلالة الكلام عليه، عن الفراء، وأنشد:

  نَحْنُ بِمَا عْنَدَنَا وأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَكَ رَاضٍ والَّرْأيُ مُخْتَلِفُ

  وقيل: قصد الأغلب والأعم؛ لأن الفضة أعم من الذهب، كقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ}، فرجعت الكناية إلى الصلاة لأنها أعم، عن ابن الأنباري.

  وقيل: يرجع إلى الأموال التي هي الذهب والفضة وغيرها عن أبي مسلم.

  وقيل: إن العرب تفعل مثل هذا كثيرًا، تَذْكُرُ شيئين وتُخْبِرُ عن أحدهما، تقول: زيد وأخوك ذاهب، يريدون زيد ذاهب وأخوك ذاهب، فيحذفون أحد الخبرين فيدل الظاهر على المحذوف، قال الشاعر:

  إِنِّي ضَمِنْتُ لِمَنْ أَتَانِي مَا جَنَى ... [وَأَبَى فَكَانَ] وَكُنْتُ غَيْرَ غَدُورِ

  أراد: فكان غير غدور وكنت كذلك فحذف، عن الأعمش.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في أهل الكتاب عن بعض الصحابة، وهو قول الأصم.