قوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين 37}
  وقيل: كانوا يحرمون عامًا ويحلون عامًا، وكان ينادي بذلك في الموسم بنو كنانة عن أبي عبيدة، قال الكميت:
  أَلَسْنَا النَّاسِئِينَ عَلَى مَعَدٍّ ... شُهُورَ الْحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرَامًا
  وقيل: كان سبب النسيء أن العرب كانت تحرم الشهور الحرم، وكان ذلك من ملة إبراهيم وإسماعيل، وكانوا أصحاب حروب وغارات، فشق عليهم مكث ثلاثة أشهر متوالية ولا يغيرون فيها، فأخروا تحريم المحرم إلى صفر، ثم بعد زمان يؤخرونه إلى ربيع، ثم بعد ذلك شهرًا حتى جاء الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه.
  وعن مجاهد: كان المشركون يحجون في كل شهر عامين، فوافقت حجة أبي بكر في ذي القعدة، ووافقت حجة رسول اللَّه ÷ في حجة الوداع في ذي الحجة، فقال في خطبته: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللَّه السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم» ففي ذلك نزلت الآية.
  · المعنى: لما تقدم ذكر الشهور والسنة عقبه بذكر ما كانوا عليه من النسيء، فقال سبحانه: «إِنَّمَا النَّسِيءُ» يعني التأخير في الأشهر الحرم عما رتبه اللَّه - تعالى - عليه حتى يقع الحج في غيره، عن ابن عباس. وقيل: زادوا صفرًا في الأشهر الحرم، عن قتادة.
  ونادوا: ألا إن آلهتكم حرمت صفر فحرموه، وكان يقال لهما صفران، وقيل: كانوا يؤخرون التحريم إلى صفر لئلا تكون الأشهر الحرم متوالية، وقيل: كانوا يؤخرون الحج في كل سنة شهرًا على ما تقدم، عن أبي علي. وقيل: كانوا يجعلون الحج [كله] في الربيع، فاختلفوا في أول من نسأ النسيء، فقيل: بنو مالك من كنانة، وكانوا ثلاثة: منهم أبو ثمامة جنادة بن عوف الكناني، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك،