قوله تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم 40}
  قُتِلْتُ فأنا وجل واحد، وإن قُتِلْتَ هلكت الأمة، وروي أنه قال: لو أن أحدًا نظر إلى تحت قدميه لأبصرنا، فقال: «يا أبا بكر، ما ظنك باثنين اللَّهُ ثالثهما»، «إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» أي ناصرًا ومعينًا «فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ» سكونه وطمأنينته «عَلَيهِ» قيل: الضمير يعود على رسول اللَّه عن الزجاج، وأبي مسلم. وقيل: على أبي بكر، عن أبي علي، والأصم، قال أبو علي: لأنه الخائف المحتاج إلى الأمن من دون الموعود بالنصر، الساكن القلب «وَأَيَّدَهُ»: قواه ونصره، يعني النبي؛ لأن نزول الملائكة معجزة يختص بها النبي، وقيل: أيد أبا بكر بالخاطر الذي ألقاه الملك إليه وقوى قلبه «بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا» يعني: بجمع من الملائكة جاؤوا لتقوية قلبه بالبشارة بأن اللَّه ينصره، ويحفظه ويعلي دينه، ويهلك عدوه، وإلقاءِ اليأس في قلوب المشركين حتى انصرفوا خائبين «وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى» يعني: دينهم الذي يتكلمون به وهو الشرك عن ابن عباس. وقيل: كلامهم، عن أبي علي. وقيل: دعاءهم واستعانتهم، عن أبي مسلم. وقيل: جعل كلمتهم السفلى بسلامة النبي وهجرته إلى المدينة «وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا» يعني: التوحيد والإسلام هي العليا بالحجة والقهر «وَاللَّهُ عَزِيزٌ» أي: قادر على نَصْرِ من يشاء وحفظه «حَكِيمٌ» يضع النصرة والحفظ موضعه.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه - تعالى - يضمن حفظ دينه، ونصرة رسوله.
  وتدل على أن الكفار أخرجوه من مكة، ولما كان خروجه لخوف منهم ولسبب عنجهيتهم جاز إضافته إليهم.