التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون 41 لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون 42 عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين 43}

صفحة 3127 - الجزء 4

  والعفو: الصفح [عن] الذنب، وأصله الترك، كأنه ترك الشقة على الجزم.

  · الإعراب: «عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا» نصب على خبر (كان)، تقديره: لو كان هذا المذكور عرضًا أو المدعو إليه عرضًا قريبًا وسفرًا قاصدا وقريبًا وقاصدًا لغتان. و «خفافًا وثِقَالاً» نصب على الحال.

  · النزول: قال مجاهد: لما أمروا بالنفر قالوا: فينا الثقيل وذو الحاجة، فأنزل اللَّه - تعالى - هذه الآية: «انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا» وأبى أن يعذرهم.

  قال أبو الضحى: أول آية نزلت من براءة هذه الآية.

  قيل: الآية نزلت في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين وهو قوله: (لو كان) وما بعده.

  وقيل: بل استأذنه جماعة من المؤمنين في التخلف ففيهم نزلت.

  وذكر الأصم قال: لما نزلت الآية جاء ابن أم مكتوم وقال: يا رسول اللَّه أعليَّ جهاد؟ فقال: «ما أنت إلا خفيف أو ثقيل» فرجع ولبس سلاحه وجاء ووقف بين يدي رسول اللَّه، فأنزل اللَّه تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ}.

  ومتى قيل: إذا كان ابتداء الآية في المؤمنين فكيف وجه آخر الآيات إلى المنافقين؟

  قلنا: لأنهم كانوا يظهرون الإيمان، فأجرى اللَّه عليهم حكم المؤمنين، وعرف حالهم؛ ليتحرز من مكائدهم.