قوله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون 41 لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون 42 عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين 43}
  تملقًا، ولو خرجوا لابتغوك الفتنة وأرادوا الخبال، ولم يعلم النبي ÷ من سريرتهم ذلك، فلذلك أذن لهم، عن أبي مسلم. وقيل: لم أذنت لهم في القعود باعتذاراتهم الباطلة ولم يعلم النبي ÷ كذبهم بل ظنهم صادقين، عن أكثر المفسرين، وهو قول الأصم وأبي علي.
  ومتى قيل: هل تدل الآية أن هذا الإذن كان قبيحًا ووقعت صغيرة؛ لأنه لا يقال للمباح: لم فعلت، وهو قول أبي علي.
  وقال بعضهم: إنما قال: لِمَ فعلت؛ لأن غيره أفضل منه وإن كان الأول أيضًا غير قبيح.
  ومتى قيل: إذا أمرهم بالخروج خفافًا وثقالاً فإذنه في التخليف لا يكون مباحًا؟
  فجوابنا: أنهم اعتذروا بمعاذير كان عنده أن إذنهم لأجله يجوز، وكانوا كاذبين فاطلع اللَّه عليها.
  ومتى قيل: هل كان له طريق إلى معرفة كذبهم؟
  قلنا: نعم بالتوقف في الإذن حتى يأتيه الوحي، أو بالتفحص عن أحوالهم؛ ولذلك قال: «وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ».
  وقيل: كان في ظنه أنه لو لم يأذن لهم لقعدوا فأذن، فعوتب على الإذن، لكن إذا قعدوا ظهر نفاقهم.
  «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ» يظهر لك يا محمد «الَّذِينَ صَدَقُوا» قيل: في معاذيرهم، وقيل: في خروجهم عن أبي مسلم. «وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ» في ذلك.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب النفر على الكل عند دعاء الرسول ÷ خف الَّنفْرُ أو ثقل، ثم أسباب الخفة والثقل تختلف على ما حكي عن المفسرين.