التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين 46 لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين 47 لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون 48}

صفحة 3139 - الجزء 4

  في القعود ليأمن من مكرهم وكان ذلك بأمر اللَّه، وقد كان أذن لهم في الخروج عن أبي مسلم. «مَعَ الْقَاعِدِينَ» قيل: مع المرضى والزمنى والضعفاء، وقيل: مع النساء والصبيان «لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ» يعني لو خرج المنافقون معكم أيها المؤمنون «مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً» قيل: فسادًا، وقيل: شرًا عن الكلبي. وقيل: غدرًا ومكرًا، عن الضحاك. «وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ» يعني لأسرعوا فبادروا وجدوا في فسادكم بالدخول بينكم بالتضرير بنقل الكلام على التحريف، قال الحسن: لأوضعوا خلالكم بالنميمة لإفساد ذات بينكم، وقيل: لأسرعوا فيما يخل بكم عن الزجاج، والأصم. وقيل: لأسرعوا مراكبهم وتثبيطكم، عن أبي الهيثم. وقيل: أسرعوا الفرار في أوساطكم «يَبْغُونَكُمُ» يطلبون لكم «الْفِتْنَةَ» قيل: الشر واختلاف الكلمة والفرقة، وقيل: التخاذل، وقيل: الكفر، عن الضحاك. وقيل: تشكيك الضعفة بشدة الأمر وصعوبة السفر، عن الأصم. «وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ» قيل: قابلون منهم عند سماع قولهم، عن قتادة، وابن إسحاق، وجماعة. ثم اختلفوا على قولين: قال بعضهم: هم المنافقون، وقال بعضهم: هو ضعفة المسلمين، وقيل: معناه فيكم عيون لهم ينقلون إليهم ما يسمعون منكم عن مجاهد، وابن زيد. وقيل: عيون منهم ينقلون أخباركم إلى المشركين عن الحسن. فبيّن - تعالى - أن خروجهم فساد عظيم دينًا ودنيا «وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ» بهَؤُلَاءِ المنافقين الَّذِينَ ظلموا أنفسهم بالكفر، وقيل: عليم بما أضمروا عليه من الفساد عند الخروج، عن أبي مسلم. «لَقَدِ ابْتَغَوُا» طلبوا «الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ»