التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين 49 إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون 50 قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون 51 قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون 52}

صفحة 3145 - الجزء 4

  عبارة عن العلم أي: ما علم اللَّه أنه يقع، وقيل: لا يصيبنا في سفرنا إلا ما كتب اللَّه وهو - مع رأفته - لا يفعل إلا ما هو الأصلح في ديننا ودنيانا، فنحن نتوكل على اللَّه «هُوَ مَوْلانَا» قيل: مالكنا ونحن عبيده، وقيل: يتولى تدبيرنا، وقيل: ناصرنا ومعيننا وحافظنا، وقيل: هو أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة عن الكلبي. «وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» يعني يفوضون أمرهم إليه ويرضون بتدبيره «قُلْ» يا محمد لهم «هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا» أي: هل تنتظرون بنا أيها المنافقون «إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ» وهذا تفصيل لما كتبه اللَّه للمؤمنين والمنافقين عن أبي مسلم. وإحدى الحسنيين إما النصر والغنيمة مع الأجر، وإما القتل والشهادة المؤدية إلى الجنة وهو الفوز العظيم في معنى قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد. «وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ» أي: ننتظر بكم «أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا» قيل: بصاعقة من السماء، أو تسليط المؤمنين فيقتلونهم بالسيف، وقيل: بعذاب الموت بالقتل إن أظهرتم ما في قلوبكم عن ابن جريج، «فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ» قيل: انتظروا لنا فإنا منتظرون لكم، يعني ما تقدم ذكره، أي: ينتظرون إما القتل وفيه الشهادة والجنة، وإما الظفر وفيه الأجر والغنيمة، ونحن نتربص بكم إما أَسْرًا وذلا وقهرا وإما موتًا بعذاب، وإما قتل وتصيرون إلى النار، وقيل: تربصوا هلاكنا فنحن نتربص هلاككم، وقيل: تربصوا مواعيد الشيطان وهو إبطال دينه فنحن متربصون بكم مواعيد اللَّه من إظهار دينه ونصر نبيه واستئصال مخالفيه.