التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين 53 وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون 54 فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون 55}

صفحة 3149 - الجزء 4

  كأنه قال: إن أسأْتِ أو [أَحْسَنْتِ] لا تلامين، وههنا كأنه قيل: إن أنفقتم طوعًا أو كرهًا فليس بمقبول منكم، و (أنْ) الأولى في موضع نصب و [أنْ] الثانية في موضع رفع تقديره: منع قبول نفقاتهم كفرهم.

  ويقال: ما عامل الإعراب في قوله: «أنهم كفروا»؟

  قلنا: فيه قولان:

  الأول: (منعهم)، تقديره: ما يمنع من ذلك إلا كفرهم.

  وقيل: فيه حذف تقديره: وما منعهم اللَّه منه إلا أنَّهم كفروا.

  واللام في قوله: «ليعذبهم» قيل: بمعنى (أن) وأن واللام بمعنى واحد، وقال في موضع آخر: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ} وقيل: هو لام العاقبة، تقديره: عاقبة أمرهم أن اللَّه يريد تعذيبهم.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في الجدّ بن قيس حين استأذن النبي ÷ في القعود عن الجهاد، فقال: هذا مالي أعينك به، عن جماعة من المفسرين.

  · المعنى: ثم بين - تعالى - أن هَؤُلَاءِ المنافقين لا ينتفعون بشيء من طاعتهم مع إقامتهم على الكفر، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ المنافقين «أَنْفِقُوا» أخرجوا المال في السبيل «طَوْعًا أَوْ كَرْهًا» أي طائعين أو كارهين «لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ» يعني: لا يقبل تلك