قوله تعالى: {قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين 53 وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون 54 فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون 55}
  النفقة، وقبولها بإيجاب الثواب عليها، وقيل: لا تحمدون عليها في الدنيا ولا تثابون عليها في الآخرة لكفركم، عن الأصم.
  ثم بين الأسباب التي لها لم يقبل نفقاتهم، فقال سبحانه: «إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَومًا فَاسِقِينَ» أي: خارجين عن طاعة اللَّه والإيمان بالكفر والنفاق «وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ» يعني المانع من قبول نفقاتهم أنهم كفروا بِاللَّهِ ورسوله، وإنما لم يقبل ذلك عنهم، قيل: لأنهم كرهوا الإنفاق ديانة وإنما أنفقوا رياء وسمعة، وقيل: لأنهم أحبطوها بالكفر «وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى» متثاقلين، يعني لم يؤدوا الصلاة كما أمروا بها، بل أدوها نفاقًا وهو باعث على الكسل، ولو أدوها إيمانا وعلموا ما فيها لكان باعثًا على النشاط، وقيل: لأنهم لا يرجون في أدائها ثوابًا ولا في تركها عقابًا «وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ» للإنفاق لأنهم يعدونها مغرمًا، وإنما ضم ترك الصلاة والزكاة إلى الكفر مبينًا أن ذلك في منع قبول الطاعات كالكفر «فَلا تُعْجِبْكَ» قيل: الخطاب للنبي ÷ والمراد جميع المؤمنين، وقيل: أراد لا تعجبك أيها السامع المخاطب، ومعنى «لاَ تُعْجِبْكَ» أي: لا تنظر إليهم بعين الإعجاب فتظن أن إعطاءهم من المال والأولاد والنعم كرامةٌ لهم، ولكن أراد استدعاءهم إلى الطاعة والمصلحة التي لهم فيه، فإذا كفروا وعوقبوا على ذلك فقد أتوا من جهتهم