قوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم 71 وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم 72 ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير 73}
  «يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ» قيل: الإيمان والطاعات «وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» عن الكفر والمعاصي؛ لأن العقل والشرع ينكره، وقيل: المعروف الإيمان، والمنكر الشرك، عن أبي العالية، والأصم، بخلاف ما يفعله المنافقون «وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ» أي: يؤدون الصلاة المفروضة التي لا يأتيها المنافقون إلا رياء «وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ» أي يعطونها إذا بخل بها المنافق «وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فيما يأمر وينهى، بخلاف المنافق «أُولَئِكَ» يعني: من تقدم وصفهم «سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ» يوم القيامة بأن يدخلهم الجنة، ويثيبهم فيها إذا عذب المنافق في النار «إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ» قادر على الرحمة والعذاب «حَكِيمٌ» يضع كل واحد موضعه.
  ثم فسر الرحمة فقال سبحانه: «وَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ» بساتين «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا» أي: من تحت أشجارها وأبنيتها «الأَنهَارُ» يعني الماء في الأنهار «خَالِدينَ فِيهَا» دائمين فيها «وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً» تجمع أنواع الزينة والمشتهيات، وقيل: قصر في الجنة من لؤلؤ فيه سبعون دارًا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون فراشًا من كل لون، على كل فراش زوجة من الحور العين، في كل بيت مائدة، على كل مائدة سبعون لونًا من الطعام، في كل بيت وصيفة، عن الحسن، وأبي هريرة، وعمران [بن] حصين، ورووه مرفوعًا. «فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ» في بساتين خلد وإقامة، قيل: دار اللَّه التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاثة: النبيون، والشهداء، والصديقون. وروي مرفوعًا. وقيل: وسط الجنة، عن ابن مسعود. وقيل: قصر من ذهب، عن الحسن. وقيل: مدينة الجنة في الجنة، عن عطاء الخراساني، وقيل: نهر في الجنة، عن عطاء بن السائب. وقيل: أعلى درجة في الجنة، والجنان حولها، عن الكلبي. «وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ» يعني رضا أعظم وأكبر من جميع ذلك، وقد كثر مما وصفت من نعيم الجنة، وقيل: «أَكْبَرُ» مما آتاهم اللَّه في الدنيا من النعيم والنصرة، وقيل: أكبر من أعمالهم وما يستحقون عليها، وروى أبو سعيد الخدري عن