التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين 90}

صفحة 488 - الجزء 1

  الثاني: أن يكون (ما) مع (بئس) بمنزلة اسم واحد، فإذا قلت: بئسما تَزْوِيجٌ ولا مهر، كأنك قلت: المذموم تزوج ولا مهر، وفي الآية المذموم «اشتروا به أنفسهم».

  ويقال: ما موضع «أَنْ يَكْفُرُوا»؟

  قلنا: قال الفراء: يصلح فيه الخفض والرفع، أما الخفض فعلى موضع الهاء في به، على التكرير عنده، والبدل عند البصريين. وأما الرفع فزعم أنه مكرر على موضع (ما) التي تلي (بئس)، وقيل: يجوز الرفع على قولك: نعم رجلا زيد، كأنه قيل: من الممدوح؟ فقيل: هو زيد.

  ويقال: ما موضع «أَنْ يُنَزّلَ اللَّه»؟

  قلنا: يجوز فيه النصب والخفض، وأما الخفض فعلى البدل من (ما) في قوله: (بِمَا أَنزَلَ اللَّه) والنصب على حذف حرف الجر، يعنى «أبَغْيًا» لأن ينزل اللَّه، أو بأن ينزل اللَّه.

  ويقال: بِمَ انتصب «بَغْيًا»؟

  قلنا: قال الزجاج: لأنه مفعول له، كقولك: جعلته حذار الشر، أي لحذار الشر، ويحتمل أن يكون مصدرًا؛ لأن ما تقدم يدل على بغوا، فكأنه قيل: بغو بغيًا، فنصب على المصدر.

  · المعنى: ثم ذمهم بإيثارهم الدنيا على الدين، فقال تعالى «بِئسَما اشْتَرَوْا به أَنفُسَهُمْ» يعني بئسما اشتروا الباطل بالحق والكفر بالإيمان، وقيل: بئس ما باعوا به حظ أنفسهم،