قوله تعالى: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين 75 فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون 76 فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون 77 ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب 78}
  والغيوب: جمع غيب، وهو ما غَيّبهُ صاحِبُهُ عن الناس، ويجوز أن يكون الغيب جمع غائب.
  · الإعراب: اللام في قوله: «لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ» لام القسم، وكذلك في قوله: «لَنَصَّدَّقَنَّ» لأن الأوُلى وقعت موقعه، ووقعت الثانية موقع الجواب، تقديره: علينا عهد اللَّه لنصدقن إن آتانا اللَّه من فضله، و «لنصدقن» أصله لنتصدقن، فأدغمت التاء في الصاد.
  · النزول: قيل: نزلت الآية في ثعلبة بن حاطب، وكان من الأنصار، فقال للنبي ÷: ادع اللَّه لي أن يرزقني مالاً، فقال: «يا ثعلبة، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، أمَا لك فِيَّ أسوة حسنة؟»، فأتى وعاوده مرارًا، وقال: إن رزقني اللَّه مالاً لأعطين كل ذي حق حقه، فقال ÷: «اللَّهم ارزق ثعلبة مالاً» فاتخذ غنمًا فنتجت كالدود، فاشتغل بذلك عن الجماعة والجمعة، وبعث رسول اللَّه ÷ إليه المصدق ليأخذ الصدقة فأبى وبخل، قال رسول اللَّه ÷: «يا ويحَ ثعلبة» فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وبلغ ذلك ثعلبة، فجاء بالصدقات إلى رسول الله ÷ فلم يقبل منه، وتوفي رسول اللَّه ÷، فجاء بالصدقات أبي بكر، فلم يقبل، وجاء إلى عمر فلم يقبل، وجاء إلى عثمان فلم يقبل، ومات في خلافة عثمان، عن أبي أمامة الباهلي.
  ومتى قيل: كيف لم يقبل صدقته مع أنه مكلف بالتصدق؟
  قلنا: يحتمل أنه تعالى أمره بذلك كيلا يجترئ الناس [على] نقض العهد، وخلاف أمر اللَّه، ورد ساعي رسول اللَّه، ويكون لطفًا له في ترك البخل والنفاق، كما روي أنه لم يصلّ على رجل مات وعليه دين؛ حثًّا على قضاء الدين.
  وقيل: إنه حمل الصدقة نفاقًا لا تقربًا، ولم يحملها للإخلاص، ولأن من شرط