قوله تعالى: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين 75 فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون 76 فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون 77 ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب 78}
  قلنا: ضيق الصدر، وترادف الأحزان، وإظهار الذم والاستخفاف، وظهور الفضائح، وما يرون من عز الإسلام وأهله، وذل الكفر وخزيه.
  «إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ» الضمير، قيل: يرجع إلى البخل والنفاق، يعني إلى يوم يلقون بخلهم ونفاقهم، وقيل: جزاء بخلهم، وقيل: عقوبة نفاقهم، وقيل: يلقون ما أعد لهم، عن أبي علي. وقيل: الضمير يرجع إلى اسم اللَّه، يعني: يلقون اللَّه، أي: يلقون جزاءه والقيامة وأهوالها، واليوم الذي فيه الحكم له تعالى دون غيره، ولا يحمل على الرؤية بالإجماع؛ لأنهم اتفقوا أن المنافق لا يرى اللَّه فلا تعلق للمشبهة بالآية «بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ».
  «أَلَمْ يَعْلَمُوا» هذا استفهام، والمراد التقرير؛ أي: قد علموا، وقيل: معناه اعلموا «أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ» يعني ما يسار بعضهم بعضًا، وقيل: ما يخفي أحدهم «وَنَجْوَاهُمْ» قيل: ما يتناجون به من الطعن في الإسلام، وقيل: السر: ما يتفرد به، والنجوى: ما يكون بين اثنين «وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» قيل: ما غاب عن الخلق، فلا يستتر منه شيء، وقيل: يعلم سرائركم، فيجازيكم، و (علّام) مبالغة من العلم.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الوفاء بالنذر، وذم من لا يفي به.
  ومتى قيل: كيف يصح عهدهم وهم كفار؟
  قلنا: قيل: كانوا عالمين بِاللَّهِ تعالى، عن أبي علي، فلذلك قال: «أَلَمْ يَعْلَمُوا» قال الأصم: ولذلك قالوا: «لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ». وقيل: يهديهم، وإن لم يكونوا عارفين بِاللَّهِ، عن علي بن عيسى.
  وتدل على قبح البخل، ومنع الواجب.