التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم 79 استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين 80}

صفحة 3209 - الجزء 5

  · القراءة: قرأ يعقوب «يَلْمُزُونَ» بضم الميم، والباقون من القراء بكسرها، وهما لغتان، وقد بَيَّنَّاهُمَا.

  والقراءة الظاهرة «جُهْدَهُمْ» بضم الجيم، وعن عطاء والأعرج بفتحها، وهما لغتان بمعنى جهد يجهد جَهدًا وجُهدًا، بالضم والفتح، وأصله الحمل على النفس بما يشق، ونظيره: الوَجد والوُجد، والضَّعف والضُّعف، وقيل: الضم لغة أهل الحجاز، والفتح لغة أهل نجد، وقيل: بينهما فرق، والجهد بالفتح في العمل، وبالضم في القوة، عن الشعبي، وقيل: الجهد بالضم الطاقة، وبالفتح المشقة، عن القتبي، وقال ابن عرفة: الجهد بالضم الوسع والطاقة، وبالفتح المبالغة، ومنه: {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي: بالغوا فيه.

  · اللغة: اللمز: النسبة إلى النقص والعيب على جهة المساترة، يقال: لَمَزَهُ وهَمَزَهُ، وقدمنا ما قيل فيه.

  والتطوع: التبرع بالشيء، والمُطَّوِّعَةُ: الَّذِينَ يطوعون بالجهاد بتشديد الطاء والواو، والتطوع: كل فعل يستحق المدح بفعله، ولا يستحق الذم بتركه، ونظيره: النافلة والتفضل. والواجب: ما يستحق المدح بفعله والذم على تركه، والمطَّوِّع أصله «المتطوع» على زنة «متفعل»، أدغمت التاء في الطاء؛ لأنها من مخرجها، وهي أفضل منها بالاستعلاء والإطباق، ومنه قوله: {اطَّيَّرْنَا}.

  · الإعراب: يقال: ما موضع «الَّذِينَ» من الإعراب؟

  قلنا: فيه وجهان: قيل: كسر مبني على قوله: «وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ» لأنه بدل منه، وقيل: رفع على الابتداء.