التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم 79 استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين 80}

صفحة 3210 - الجزء 5

  · النزول: قيل: نزلت في عبد الرحمن بن عوف، وأبي عقيل، وعاصم بن عدي، وذلك أن رسول اللَّه ÷ حث على الصدقة، فجاء عبد الرحمن بأربعة آلاف دينار، قال: هو نصف مالي، فقال ÷: «بارك اللَّه لك فيما أعطيت وفيما أمسكت» فبارك اللَّه في ماله حتى أنه خلف امرأتين وكان نصف الثمن مائة وستين ألف درهم، وجاء عاصم بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل بصاع، فقال المنافقون: ما عطاء عبد الرحمن وعاصم إلا رياء، وإن اللَّه لغني عن صاع أبي عقيل، فأنزل اللَّهُ فيهم هذه الآية.

  وقيل: جاء أبو خيثمة بصاع، فسخروا منه.

  وقيل: إنها نزلت في رجل يقال له جميل.

  وقيل: نزلت في الأخنس بن شريق.

  وقيل: إن قوله: «استغفر لهم» نزل في عبد اللَّه بن أبيٍّ لما مات على النفاق، عن الأصم.

  وقيل: إذا مات منهم ميت سألوا رسول اللَّه ÷ أن يستغفر لهم، ولم يكن يعرف نفاقهم، فيفعل، ثم تبين له نفاقهم، ونهي عن ذلك، عن أبي علي.

  · المعنى: ثم أظهر تعالى من سرائرهم ومخازيهم خصالاً، فقال سبحانه: «الَّذِينَ يَلْمِزُونَ» أي: يعيبون وهم المنافقون يعيبون المؤمنين بنسبتهم إلى الرياء «الْمُطَّوِّعِينَ» المتبرعين بالصدقة، وقيل: هو الطيب نفسه بالصدقة، عن النضر بن شميل. «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ» يعني يعيبون في صدقاتهم «وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ» أي: يعيبون الَّذِينَ لا يجدون «إِلَّا جُهْدَهُمْ» طاقتهم فيتصدقون بالقليل «فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ» قيل: لقلة صدقتهم، عن أبي علي. وقيل: يسخرون [كيف يخرجون] مالهم في ما لاينفعهم «سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ» قيل: