التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم 79 استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين 80}

صفحة 3211 - الجزء 5

  جازاهم على سخريتهم، والجزاء على الشيء يسمى باسم ذلك الشيء، وقيل: لما كان وبال سخريتهم تعود عليهم سماه باسمه، وقيل: أمر اللَّه نبيه أن يقبل معاذيرهم الكاذبة في الظاهر، ووبال فعلهم عليهم كما هي، فكأنه سخر منهم، عن الأصم «وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وجيع «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ» هذا أمر بالاستغفار، لكن ذكر أنه إن استغفر أو لم يستغفر لهم فهم سواء؛ لئلا يستغفر، وقيل: كانوا يطلبون منه الاستغفار عند موت واحد، وكذلك ما أتاه منهم وهو لا يعلم نفاقهم، فيفعل، فلما عرف حالهم كف، عن أبي علي. وقيل: كان يستغفر لهم لظاهر أحوالهم، وقيل: كان يدعو لهم بشرائط الحكمة رجاء أن يكون لطفًا لهم حتى آيسه اللَّه تعالى فكف عنه، ومعنى «استغفر» اطلب المغفرة في الآية لأناس أن تنالهم المغفرة «أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ» أي: إن تركت استغفارهم «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً» ذكر السبعين مبالغة، والعرب تبالغ بالسبع، والسبعين، وقيل: أراد عدد تكبيراته على حمزة # «فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ» بين العلة التي لأجلها لا يغفر لهم وهو كفرهم بِاللَّهِ وبرسوله «وَاللَّهُ لَا يَهْدِي» قيل: إلى ثوابه وجنته، عن أبي مسلم. وقيل: لم يكونوا مهتدين بالشرك يعني: لا يحكم لهم بالهداية ولا يسميهم بها، عن الأصم. «الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» قيل: الخارجين من الإيمان إلى الكفر، وقيل: الفاسقين مع كفرهم لإقدامهم على المعاصي.

  · الأحكام: تدل الآية على أن بذل الجهد في الصدقة عظيم المنزلة.

  وتدل على ذكر أحوال الفقراء مع قلة صدقتهم ولم يذكر حال الأغنياء مع كثرة صدقتهم رحمة منه وفضلاً.

  وتدل على أن وبال السخرية عائد على من سخر.