التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون 84 ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون 85}

صفحة 3217 - الجزء 5

  وتدل على قلة راحة الدنيا بالإضافة إلى عقاب الآخرة حَثًّا على الطاعة وزجرًا عن المعاصي.

  وتدل على [أن] ما فعلوه من التخلف والسرور والاستئذان فعلهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَة في المخلوق.

  وتدل على أن الصلاح كان في منعهم عن الخروج معه لما فيه من المفسدة وبيّن العلة فيه، وهو قعودهم أولا على مخالفته.

  وتدل على أن نهيهم عن الخروج معه كان عقوبة ولذلك قال: {إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}.

  ومتى قيل: كيف يكون ذلك عقوبة، وهو لذة لهم؟

  قلنا: لما يظهر من نفاقهم وخبث سرائرهم، وما يلحقهم من الغم بنهي رسول اللَّه ÷، عن الخروج معه، وتمييزهم عن أصحابه بمنزلة اللعن والطرد.

  ومتى قيل: هل يسقط عنهم الجهاد؟

  قلنا: لا، ولكن كان يجب بشرط ترك النفاق، وبشرط أن يخلصوا الدين.

قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ٨٤ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ٨٥}