التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم 97 ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم 98 ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم 99}

صفحة 3238 - الجزء 5

  · الإعراب: موضع (أنْ) في قوله: «أجدر أنْ» نصب على حذف الباء بتقدير: أجْدَر بترك العلم.

  وموضع «ما ينفق» نصب بوقوع الفعل عليه.

  والواو في قوله: «وصلوات الرسول» واو العطف، عطف الصلوات على قوله: «ما ينفق» وموضعه نصب، وتقديره: ويتخذ النفقة والصلوات، عن أبي مسلم. وقيل: «صلوات» معطوف على «قربات» يعني يطلبون بالإنفاق قربة اللَّه، وصلوات الرسول، عن أبي علي.

  · النزول: قيل: قوله: «الأعراب أشد كفرًا» الآية نزلت في أعراب البدو.

  وقيل: في أعراب أسد وغطفان وتميم وأعراب حاضري المدينة.

  وقوله: «ومن الأعراب» قيل: نزلت في بني مقرن من بني مزينة، عن مجاهد.

  وقيل: نزلت في أسلم وغفار وجهينة، عن الكلبي.

  · المعنى: لما تقدم ذكر المنافقين بَيَّنَ أن الأعراب أشدهم في ذلك، وأكثرهم جهلاً، فقال سبحانه: «الأَعْرَابُ» يعني ساكني البدو «أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا» من الكفار أهل الحضر، وإن شملهم الكفر؛ لأنهم أبعد عن مواضع العلم، وسماع البينات والحجج، ومشاهدة الرسول ومعجزاته وبركاته، وما ينزل عليه من الوحي، وكونهم في البراري، فلهذه الوجوه كان كفرهم أكبر، ونفاقهم أشد «وَأَجْدرُ» أولى وأحرى «وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ» قيل: هم أقل علمًا بالسُّنَنِ، عن قتادة. وقيل: حدوده شرائعه وفروضه، عن أبي مسلم. وقيل: حدود ما فعل [لعباده من حججه]، عن الأصم. «وَاللَّهُ