قوله تعالى: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم 102 خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم 103 ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم 104}
  · النظم: لما تقدم بيان أحوال المؤمنين المخلصين والسابقين الأولين، وعقَّبه ببيان أحوال المنافقين المصرين ثَلَّثَ بذكر التائبين: تمامًا للبيان، ثم بَيَّنَ كيفية توبتهم، وما قدموه من الكفارة والتصدق بمالهم تشديدا للتكليف عليهم بتخلفهم عن رسول اللَّه ÷، وبشرهم بقبول توبتهم وصدقهم، وفي الآية تقديم وتأخير، وحذف.
  وتخليصها: وآخرون خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا، فاعترفوا بذنوبهم تائبين عسى أن يتوب عليهم، أي راجين قبول توبتهم، وقدموا صدقة من مالهم، فخذ منهم ما قدموه من صدقتهم كفارة لذنوبهم ففيه تطهير لهم، فإن اللَّه هو الآخذ لصدقتهم والقابل لتوبتهم لما علم من إخلاصهم.
  · المعنى: «وَآخَرُونَ» قيل: هم قوم من المؤمنين تخلفوا عن النبي ÷ في غزوة تبوك، ثم تابوا، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والأصم، وأكثر المفسرين، وقيل: هم قوم من المؤمنين وقع في وهمهم أن يتخلفوا، ثم ندموا فأتوا رسول اللَّه ÷ فتابوا، حكاه الأصم. وقيل: إن هَؤُلَاءِ غير أولئك الثلاثة، عن الحسن، وقتادة. وقيل: هم قوم من المنافقين تابوا عن النفاق وأحسنوا العمل، عن أبي مسلم. وقيل: هم أناس فعلوا ذنوبًا كما يفعلها أهل الصلاة ثم تابوا، واعترفوا، فقبل اللَّه توبتهم، وهو عام، عن أبي علي. «اعْتَرَفُوا بِذنُوبِهِمْ» أقروا بذلك على أنفسهم أنهم فعلوه عارفين بذلك نادمين «خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا» قيل: السيئ تخلفهم على الرسول، وتركهم للجهاد، والصالح التوبة، عن أكثر المفسرين. وقيل: السيئ نفاقهم، والصالح توبتهم، عن أبي مسلم. وقيل: السيئ الذنوب والصالح التوبة، عن أبي علي. «عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» قيل: معناه اعترفوا راجين أن يقبل توبتهم، عن أبي مسلم. وقيل: (عسى) من اللَّه واجب، عن الحسن، وأبي علي، يعني: تقبل اللَّه توبتهم «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رحِيمٌ» يعني: غفور لذنوب التائبين، رحيمٌ بهم يدخلهم الجنة «خُذْ» يا محمد «مِنْ أَمْوَالِهِمْ» يعني: