التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم 102 خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم 103 ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم 104}

صفحة 3254 - الجزء 5

  توبتكم مقبولة، وقيل: معناه: قد علمتم، والذي يوجب العلم أنه يقبل التوبة ما تبت، إنه كريم، خَلَقَ الخلق تعريضًا للثواب، ولا يجوز أن يبقى المكلف ولا طريق له في التخلص، ولأن بذل الجهد في تلافي ما فرض يوجب قبول عذره عقلاً عند مشايخنا البصريين، ولأنه أصلح عند البغداديين، وفعل الأصلح واجب «أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ» فيغفر ذنوبهم، ويوجب لهم رحمته «وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ» قيل: جعل أخذ الرسول والمؤمنين للصدقة أخذًا لله تعالى حيث كان بأمره وإيجابه، عن أبي علي. وقيل: لأنه تضمن الجزاء عليهم كالآخذ لها، وقيل: أخذه قبوله؛ لأن ما لا يقبل لا يؤخذ «الصدقات» قيل: الزكوات، وقيل: ما يتصدق به لكفارة الذنب، عن الأصم قال: يقال: يستحب لمن أصاب ذنبًا أن يتصدق بصدقة عند التوبة «وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» أي: قابل التوبة، رحيم بالتائبين، يغفر ذنوبهم، ويقبل توبتهم، ويوجب لهم الرحمة. قال ابن عباس: هو التواب إن استقاموا على التوبة.

  · الأحكام: تدل الآية على أن من أتى بعمل سَيِّئٍ، وعملٍ صالحٍ يلزمه التوبة، وأن المغفرة لا تُنالُ إلا بها، فمن هذا الوجه تدل على بطلان قول المرجئة أنه يغفر بلا توبة.

  وتدل على أن التوبة توجب الغفران، وتزيل العقاب.

  وتدل على أن الاعتراف من شرائط التوبة، فهو أن يعترف بالجزاء من جهة اللَّه تعالى، ووجوب التوبة مما أقدم عليه والندم.

  وتدل الآية الثانية على وجوب الصدقة، وقدرها من قبل فيه.

  وتدل على أنها تطهير، وتزكية للمكلف.