قوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 105 وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم 106}
  والغيب: ما غاب عن الحواس، وقيل: ما لا يعلم ضرورة، ولا دليل عليه.
  والإنباء: الإخبار.
  · الإعراب: الواو في قوله: «وآخرون مرجون» واو عطف على قوله: «وآخرون اعترفوا» كأنه ذكر طائفة أخرى.
  · النزول: قيل: نزلت الآية في الثلاثة الَّذِينَ خلفوا فلم يربطوا أنفسهم بالسواري، ولم يبالغوا في التوبة كما فعله أبو لبابة، فوقفهم رسول اللَّه ÷ خمسين ليلة نهى الناس عن مكالمتهم ومخالطتهم، وأمر نساءهم باعتزالهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ونهَكَهُم الحزن، وكانوا من أهل بدر وهم: هلال بن أمية، ومرارة بن ربعي، وكعب بن مالك، وهم من الأوس والخزرج، ثم تاب اللَّه عليهم بعد خمسين ليلة، ونزلت: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} عن مجاهد، وقتادة.
  وقال ابن عباس: هَؤُلَاءِ الثلاثة أخروا أمرهم، ولم يعترفوا بذنوبهم، وليسوا من الَّذِينَ مردوا على النفاق فهم مرجون: إن تابوا غفر لهم، وإن أصروا عذبوا.
  وقيل: هَؤُلَاءِ تابوا ولكن اللَّه تعالى بَيَّنَ قبول توبتهم، ثم نزل: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} فقبل توبتهم.
  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى قبول توبتهم حذرهم في مستقبل أوقاتهم، وبَيَّنَ أنه لا يعاقبهم بالمعلوم، ولكن بالمعقول؛ لأن الرؤية لا تتعلق إلا بالموجود، فقال سبحانه: «وَقُلِ» يا محمد لهم «اعْمَلُوا» وعيد لهم، عن مجاهد. وقيل: معناه اعملوا ما أمركم اللَّه به