التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم 115 إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 116}

صفحة 3278 - الجزء 5

  والعقاب، عن الفراء، وأبي علي. وقيل: معلم الخير، عن سعيد بن جبير. وقيل: هو الراجع عن كل ما يكره اللَّه، عن عطاء. «حَلِيمٌ» قيل: من لا يعجل إلى شهوة وفساد، وقيل: الذي يصفح عن الذنب، فإن أباه قال له: لأهجرنك، فقال: {سَلامٌ عَلَيكَ}، وقيل: الحليم السيد، عن ابن عباسٍ. وقيل: الذي لا يعجل بعقاب المعصية.

  وروي أنه من حلم إبراهيم أن رجلاً من قومه آذاه وشتمه، فقال له: هداك اللَّه.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى لا يغفر لمشرك، كذلك منع عن الاستغفار لهم.

  وتدل على تحريم الاستغفار لهم بعدما ظهر شركهم، فتدل على أنه يجوز أن يستغفر على الظاهر إذا لم يعلم ما في باطنه.

  وتدل على أن هذه الأفعال فَعْلُهُم؛ لذلك صحت الإضافة وتعليق الثواب والعقاب بها، ولا خلاف أن الاستغفار للمشرك لا يجوز شرعًا، واختلفوا هل يجوز عقلاً أم لا؟ فقال أبو هاشم: يجوز، وقال أبو علي: لا يجوز.

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١١٥ إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ١١٦}

  · اللغة: أحياه يحييه إحياءً: إذا جعله حيًّا، وأماته يميته إماتة: إذا جعله ميتًا، والموت والحياة عرضان، لا يقدر عليهما غير اللَّه تعالى.

  وقال أبو هاشم: الحياة معنى، وصحيح القول في الموت.

  وذكر القاضي أن السمع دل على أنه معنى قوله: {اَلَّذِى خَلَقَ الْمَوتَ وَالحَيَاةَ}