قوله تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم 118}
  «لا ملجأ» نصب؛ لأنك نفيته، كقوله: (لا رفثَ) ويجوز «لا مَلْجأٌ» بالتنوين على تقدير: ليس ملجأ.
  · النزول: أجمع المفسرون بأن هذه الآية نزلت في شأن كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، وذلك أنهم تخلفوا عن رسول اللَّه - وكانوا مؤمنين - فيمن تخلف من المنافقين، ورووا الأعذار والعلل، وهم بضعة وثمانون رجلاً، قال الأصم: وهَؤُلَاءِ الثلاثة كانوا مسلمين، لا تخلف فيهم، قال: وذكروا أن أحدهم كان له أرض، فتخلف لعمارتها، والآخر كان قريب عهد بعرس، فخلفه قربها، ولم يكن للثالث أهل ولا مال، وكان فيه توان.
  وعن كعب: ما تخلفت عن رسول اللَّه ÷ في غزوة غير بدر، ولم يكن يعاقب أحدًا تخلف عنها، ولقد شهدت ليلة العقبة، وهو نظير بدر، ثم تخلفت في غزوة تبوك، وكان في وقت شديد الحر، وقد طابت الثمار، فخرج رسول اللَّه ÷، وطفقت أعدو كل يوم أتجهز وأرجع، ولم أصنع شيئًا، وخرج الناس إلا رجلا من أهل النفاق، أو صاحب عذر، ولم يذكرني رسول اللَّه ÷ حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم: «ما فعل كعب بن مالك» فلما قدم رسول اللَّه ÷ المدينة، ودخل المسجد، وصلى ركعتين، وقعد الناس، وجاء المخلفون، فطفقوا يعتذرون، ويحلفون، فقبل منهم واستغفر لهم، وَوَكَلَ سرائرَهم إلى اللَّه تعالى، وجئت وسلمت، وجلست بين يديه، فقال لي: «ما خلَّفك»؟ فقلت: لو جلست بين يدي غيرك لكان لي مخرج، فقد أعطيت جدلا، واللَّه لا أكذب بين يديك، واللَّه ما كان لي عذر، فقال، ÷: «أما هذا فقد صدق، قم حتى يقضي اللَّه فيك» فقمت وثار رجال من بني سلمة، وقالوا: هلا اعتذرت بما اعتذر به غيرك، فقلت: هل فعل مثل ما