قوله تعالى: {أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون 126 وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون 127 لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم 128 فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم 129}
  الأصم. وقيل: ينصرفون عن العمل بما فيه «صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ» قيل: عاقبهم على الانصراف والكفر، ويسمى الجزاء على الشيء باسم الشيء، وقيل: صرف قلوبهم عن رحمته وثوابه، لَمَّا انصرفوا عن القرآن، وقيل: صرف اللَّه قلوبهم عن السرور بالفائدة التي تحصل في السورة، فيحرمون ما للمؤمنين من الاستبشار بتلك الحال، وقيل: صرف اللَّه قلوبهم بما أورثهم من الغم والكمد بعلو كلمة الإسلام وزهوق كلمة الكفر، وقيل: هذا دعاء عليهم أي: خذلهم اللَّه باستحقاقهم ذلك، ودُعَاءُ اللَّه على عباده وعيد لهم وإخبار بلحاق العذاب بهم، عن أبي مسلم. وقيل: صرف قلوبهم عن الشرح والتطهير الذي يجعله في قلوب المؤمنين ثوابًا لهم، عن أبي علي. «بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ» قيل: لا يفقهون عن اللَّه ما يعظهم به ويدعوهم إليه من الفوز، عن أبي مسلم. وقيل: لا يعلمون دينا اللَّه وما يجب عليهم، عن أبي علي. «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ» قيل: الخطاب للجميع ومعناه أنه بشر مثلكم، وقيل: خطاب للعرب، يعني: أنه منكم نسبًا، وعُنِي بالرسول مَحَمَّد ÷. «مِنْ أَنْفُسِكُمْ» قيل: من البشر، ثم من العرب، ثم من بني إسماعيل، عن السدي. قال ابن عباس: ليس في العرب قبيلة إلا ولدت النبي، ÷ مضريها وربيعتها ويمانيها، قال الصادق: لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية، وعن ابن عباس عن النبي ÷: «ولدت من نكاح، لا من سفاح»، وإنما منّ عليهم بكونه منهم؛ لأنهم شاهدوه صغيرًا وكبيرًا وكهلاً وناشئًا، وعرفوا حاله في صدقه، وأمانته، وسيره، وديانته، فلم يعثروا على شيء يوجب نقصًا فيه أو طعنًا عليه ÷ «عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّمْ» أي: شديد عليه دخول المشقة والمضرة عليكم، عن أبي مسلم. وقيل: يشق عليه إن لحقكم عذاب الآخرة، وقيل: يشق عليه أذى الكفار للمؤمنين، وقيل: شديد عليه ما ضللتم، عن ابن عباس. وقيل: إثمهم، عن الضحاك. وقيل: ما أهلكتم عليه، عن [ابن] الأنباري. «حَرِيصٌ عَلَيكُمْ»