قوله تعالى: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون 3 إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 4}
  ومتى قيل: لم خلقها في ستة أيام، وهو قادر على خلقها في لحظة؟
  قيل: فيه وجهان:
  قيل: في إظهاره على تلك الصفة وإنشائه حالاً بعد حال عبرة للملائكة.
  وقيل: في الإخبار به لطف ومصلحة.
  «ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» قيل: استولى على العرش بإنشاء التدبير من جهته، ثم دخل على التدبير كأنه قبله أقبل على تدبير الأمور على ما علم من مصالح العباد، وقيل: العرش بناء السماوات والأرض، واستوى: قصد، و (على) بمعنى (إلى) أي: قصد إلى خلق السماوات والأرض، عن أبي مسلم، وقيل: العرش الملك أي: هو مُسْتَوْلٍ على ملكه يفعل ما يشاء خلاف قول المجوس، وقيل: ثم بمعنى الواو، ثم دخل على التدبير تقديره: يدبر الأمر، وهو مستول علي العرش، عن أبي علي، وقيل: ثم دخل على خلق العرش؛ لأنه تعالى خلق العرش آخر ما خلق، وقيل: تقديره: ثم إن ربكم اللَّه الذي خلق فدخل (ثُمَّ) على (إن ربكم)، عن الأصم، وقيل: ثم دخل على خلق البناء، عن أبي مسلم. «يُدَبِّرُ الأمرَ» قيل: يقضيه وحده، عن مجاهد، وقيل: يقدره على ما علم من عواقبه. لأنه العالم بجميع ذلك، وقيل: تدبيره إجراء الأفلاك الدائرات والنجوم السائرات، وإنبات النبات، وإخراج الحيوانات، وتدبير ما في الأرض والسماوات «مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ» قيل: كان اللَّه تعالى وخلق الخلق ودبر الأمر، ولم يكن غَيْرُهُ ممن يحتاج إلى معونته، والشفيع مأخوذ من الشَّفْعِ، وهو الزوج خلاف الوتر، ثم خلق الأحياء، وقيل: ما من مدبر إلا من بعد إذنه، أي: من بعد أمره، يعني: ما كان أحد حين كونه وأوجده، عن أبي مسلم، وقيل: دبر الثواب والعقاب، على ما أوجبته الحكمة، فلا يحسن من أحد أن يشفع لأحد إلا بإذن اللَّه له في ذلك؛ لأن الشفاعة دعاء للغير لنفع، أو دفع ضرر، وإنما