قوله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون 5 إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون 6}
  وظهرها لأهل الأرضين السبع «وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ» أي: قدر للشمس والقمر منازل ينزلها في كل وقت على ما دبر تعالى لا يجاوزها ولا يقصر عنها، والقمر يطلع المنازل في شهر، والشمس في سنة «لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ» دخولها وانقضاءها، وكمينها، فكل سنة اثنا عشر شهرًا، كل سنة دوران للشمس، وكل شهر دوران للقمر، واليوم من وقت طلوع الشمس إلى وقت غروبها، والليل من وقت غيبوبة الشمس إلى وقت طلوعها، وإنما يتم الحساب لكلها بجميع ذلك، فيجري على هذا التقدير السنون، والآجال، والحساب، والزروع، والشتاء، والصيف «مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ» أي الخلق الذي خلق ولم يُرِدْ الأعيان، فلذلك ذُكِّرَ ولم يؤنث «إِلَّا بِالْحَقِّ» أي خلقه بالحكمة منفعة لعباده في دينهم ودنياهم كأوقات الصلاة والصوم والحج والآجال، وغير ذلك من منافع الدين ومنافع الدنيا، ومع ذلك يدل على وحدانيته وقدرته وكونه عالمًا لم يزل ولا يزال «يُفَصِّلُ الآياتِ» يشرحها ويبينها فصلاً فصلا «لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» لمن نظر وتدبر حتى علم، وخصهم لأنهم المنتفعون، وإلا فهو بيان عام لجميع الخلق، عن أبي مسلم، «إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» قيل: إتيان أحدهما خلف الآخر، وقيل: اختلافهما ضياء أحدهما وظلمة الآخر «وَمَا خَلَقَ اللَّه فِي السَّمَاوَاتِ» من الكواكب والأفلاك ورفعها بغير عمد ودوران النجوم، وفي الأرض من أنواع الحيوانات وأنواع الأرزاق والنعم والمأكول والملبوس والمشموم، «لآياتٍ» حجج وعلامات «لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ» معاصي اللَّه، وخصهم بالذكر؛ لأنهم المنتفعون به.
  · الأحكام: تدل الآيات على كمال قدرته من وجوه كثيرة، أشرنا إلى بعضها.
  وتدل على نعمه بجميع ذلك على عباده.
  وتدل على أنه خلق جميع ما خلق بالحق، ولم يخلق. الباطل والكفر على ما تزعمه الْمُجْبِرَة.