قوله تعالى: {إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون 7 أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون 8 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم 9 دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين 10}
  · الإعراب: الكاف في قوله: «أولئك» حرف الخطاب، وليس باسم، و (أولئك) لما بَعُدَ، و {هَؤُلَاءِ} لمن حضر، ومثله: (هذا) و (ذاك)، و (أولاء) مبني على الكسر؛ لأنها الأصل في حركة التقاء الساكنين، والميم في (اللَّهُمَّ) معناه معنى (يا)، كأنه يقول: يا اللَّه، وهو ياء النداء «دعواهم» يدعون. «تحيتهم» اسم مبتدأ، و «سلام» خبر الابتداء، ولم يرفع «سبحانك» كما رفعت «سلامٌ»؛ لأن «سبحانك» تقديره: سبحت سبحانًا، و «الحمدُ» رفع؛ لأن ما يخبر بعد (أنْ) المخففة يكون رفعًا.
  · المعنى: لما تقدم ذكر المعاد والجزاء أتبع ذلك بذكر المكذبين بالمعاد، وما أعد لهم، وتلاه بالوعد للمؤمنين، وما أعد لهم من النعيم، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا» قيل: لا يخافون عقابنا، وقيل: لا يطمعون في ثوابنا، والرجاء يكون بمعنى الخوف والطمع، والمراد باللقاء لقاء الجزاء والقيامة، وقيل: لا يظنون الرجوع إلى دار يكون الحكم له، عن أبي مسلم «وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا» يعني رضوا بالدنيا فعملوا بها، واختاروها، ولم يعملوا للآخرة لجهلهم بأحوالها «وَاطْمَأَنُّوا بِهَا» أي: يسكنون إليها، قيل: فصاحبها لها يفرح، ولها يغتم، ولها يرضى، ولها يغضب، عن قتادة، وقيل: اعتقدوا أن لا دار سوى الدنيا، فسكنوا إليها، وقيل: ألهاهم شغلها عن الفكر في الآخرة، وقيل: لم يصدقوا بالآخرة فاطمأنوا إلى الدنيا، عن الحسن «وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ» أدلتنا وحججنا، قيل: عن محمد والقرآن، عن ابن عباس، وقيل: هو عام في سائر الأدلة، «غَافِلُونَ» معرضون تاركون مكذبون «أُولَئِكَ» يعني من تقدم ذكره «مَأْوَاهُم» مصيرهم الذي يأوون إليه «النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» أي: جزاء بما عملوا من المعاصي في الدنيا «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا» صَدَّقُوا بِاللَّهِ ورسوله وبالمعاد والجزاء «يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإيمَانِهِمْ» قيل: يرشدهم إلى الثواب وطريق الجنة جزاء على إيمانهم، عن أبي علي. وقيل: وصفهم بالهداية على جهة المدح جزاء على إيمانهم. وقيل: يلطف لهم ليدوموا على الإيمان، وقيل: فيه حذف؛ أي: يهديهم إلى مكان تجري،