التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون 7 أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون 8 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم 9 دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين 10}

صفحة 3324 - الجزء 5

  وقيل: يهديهم بالنور على الصراط يجعل له نورًا يمشي به، عن مجاهد، ومقاتل، وقيل: يرشدهم في الدنيا إلى الطاعة ويدلهم عليها ليزدادوا هدى، ثم يدخلهم الجنة، عن الأصم، «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ» قيل: تجري بين أيديهم، وهم يرونها من علو، كقوله: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} وكقوله: {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} وقيل: تجري من تحت بساتينهم وأَسِرَّتهم وقصورهم، عن أبي علي «دَعْوَاهُمْ» قيل: نداؤهم، وقيل: سؤالهم، وقيل: طريقهم وعاداتهم أنهم يقولون «فِيهَا» يعني في الجنة «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ» أي: تنزيهًا لك عن كل سوء، روي ذلك مرفوعًا، وقيل: أنهم يتلذذون بقول التسبيح، لا أنه تكليف «وَتَحِيَّتُهُمْ» قيل: تحية بعضهم لبعض، وقيل: تحية الملائكة إياهم، وقيل: تحية اللَّه لأهل الجنة «فِيهَا» في الجنة «سَلامٌ» قيل: يقال لهم: السلام عليكم، وقيل: يقال: سلمتم وأمنتم من كل خوف، ومما ابتلي به أهل النار «وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» لم يُرِدْ آخرًا منقطعًا؛ لأن ذلك مؤبد، وذِكْرُهُمْ لله مؤبد، ثم اختلفوا في معنى الآية، قيل: إذا اشتهوا شيئًا قالوا: سبحانك اللهم فيؤتون به، فإذا نالوا منه قالوا: الحمد لله، عن ابن جريج، وقيل: يفتتحون كل كلامهم بالتوحيد والتسبيح، ويختمون بالتحميد والذكر، لا أنه ينقطع، عن الحسن والأصم وأبي علي، وقيل: آخر كلامهم في كل مجلس، وقيل: آخر كلامهم في كل ذكر لله تعالى في كل وقت.

  · الأحكام: تدل الآية على وعيد الكفار، وأنهم استحقوا العقاب بفعلهم جزاء، وأن ذلك الكفر فعلهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والجزاء.

  وتدل على وَعْدِ المؤمنين بالجنة والثواب، وأنهم استحقوها بإيمانهم، وذلك أيضًا يبطل قولهم.

  وتدل على أوْ الهداية قد تكون إلى الثواب.