التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون 11 وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون 12}

صفحة 3326 - الجزء 5

  · الإعراب: «كأن لم» قال الأخفش: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا}، {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا}، وأمثالها «كأن» الثقيلة تقديره: كأنه لم يدعنا.

  ونصب «استعجالهم» لوقوع التعجيل عليها، تقديره: يعجل لهم استعجالهم، كقولك: قمت اليوم قيامك بمعنى: قمت كقيامك.

  «أو قاعدًا أو قائمًا» نصب على الحال، والمعنى: دعانا قائمًا أي: في هذه الحال.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في النضر بن الحارث حين قال: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ.

  وقيل: إن المشركين قالوا: ائتنا يا محمد بعذاب إن كنت صادقًا، فنزلت الآية.

  · المعنى: عاد الكلام إلى ذكر المائلين إلى الدنيا المطمئنين إليها الغافلين عن الآخرة، فقال سبحانه: «وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ» أي: لو عَجَّلَ لهم إجابة دعائهم في الشر كاستعجالهم له بالإجابة في الخير إذا دعوا، وقيل: إنهم يطلبون الخير قبل حينه: وسبيله في أنه لا ينبغي كسبيل الشر من الإهلاك بالعقاب، قبل حينه. لما فيه من الاقتطاع عن التوبة، عن أبي علي، وقيل: هو كقول الرجل لولده وماله في حال غضبه: اللَّهم العنه ولا تبارك فيه، عن قتادة ومجاهد، وقال الحسن: هو كقوله: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ} وقيل: أراد بالشر عقوبات أعمالهم، وتقديره: لعجل لهم عقوبة أعمالهم، وهو الشر كما يريدون العاجل من دنياهم الذي هو الخير لأماتهم عاجلاً، ونقلهم إلى ذلك العذاب، عن أبي مسلم، يعني: هم