قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون 18 وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون 19}
  في ملكه يضاده ويناوئه، كما تذهب إليه الثنوية والمجوس، ثم اختلفوا، فمنهم من يثبت شريكًا قديمًا كالمانوية، ومنهم من يثبت شريكًا محدثًا كالمجوس. والثاني: من لا يجعل له شريكًا في حكمه وملكه، ولكن يجعل له شريكًا في العبادة يكون متوسطًا بينه وبين الصانع، وهم أصحاب المتوسطات، ثم اختلفوا، فمنهم من جعل المتوسط من الأجسام العلوية كالنجوم والشمس والقمر، ومنهم من جعل المتوسط من الأجسام السفلية كالأصنام ونحوها.
  وتدل على أنه تعالى لم يأمر بعبادة غيره؛ لذلك قال: «أتنبئون اللَّهَ».
  وتدل على أن عبادة غير اللَّه شرك وكفر؛ لذلك قال اللَّه: «تعالى عما يشركون».
  وتدل على جواز اجتماع الناس على الكفر، وهو الصحيح، وأما أبو علي فقد أنكر ذلك، وقد بَيَّنَّا.
  وتدل على تسلية النبي ÷ بأنه لا يؤمن به الناس كلهم، كما لم يؤمنوا بالأنبياء.
  وتدل على أن ما لا يعلمه اللَّه تعالى منفي؛ لأن الأشياء إما أن تكون موجودة وإما معدومة، وكلاهما يتعلق بهما العلم، فأما الشريك فليس بموجود، ولا معدوم، ولهذا قال أبو هاشم: إنه علم، لا معلوم له.
  وتدل على أن الكفر والشرك والاختلاف فعلهم؛ لذلك ذمهم عليه؛ فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.