قوله تعالى: {ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين 20 وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون 21}
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى قبيح فعالهم ومقالهم، فقال سبحانه: «وَيَقُولُونَ» يعني كفار مكة «لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيهِ» أي: هلا أنزل عليه أي: على محمد ÷ «آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ» أي: حجة، قيل: التمسوا الآيات تعنتًا وتكذيبًا، ولم يعلموا أنه تعالى إنما ينزلها بحسب المصلحة، وهو أعلم بالمصالح، وقيل: سألوه أن يضطرهم إلى المعرفة، وقيل: سألوا إنزال العذاب كقوله: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ}، وقيل: طلبوا آية غير القرآن وسائر معجزاته، عن أبي علي، وهو الوجه «فَقُلْ» يا محمد لهم «إِنَّمَا الْغَيبُ لِلَّهِ» يعني هو عالم الغيب فالواجب تفويض الأمر إليه والتسليم لقضائه، فإنه لا يفعل إلا ما هو المصلحة، وقيل: هو يعلم المصالح فينزل الآيات بحسبها، وما يكون أصلح لهم دون ما يقترحون، وقيل: هو العالم بوقت نزول الآيات «فَانْتَظِرُوا» قيل: انتظروا نزول الآية ف «إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ» لذلك، فتنزل إذا كان في إنزالها مصلحة، وقيل: انتظروا قضاء اللَّه بيننا، فيظهر المُحِقُّ من المبطل، فإني منتظر لذلك، وقيل: انتظروا نصر اللَّه للمؤمنين وتأييدهم وإنزال العذاب بكم، أو ما يجري مجراه من القتل والسبي والذل والخزي على ما وعدتكم فإني منتظر لذلك، وقد فعل ذلك يوم بدر، عن أبي علي. وقيل: انتظروا مواعيد الشيطان فإنه يعدهم ويمنيهم، فإني منتظر وعد اللَّه أن ينجزه، وينصر عبده، عن الحسن، وقيل: انتظروا عز النبي ÷ وحزبه وظهور دينه، وذلّ أهل الكفر فإني منتظر لذلك، عن القاضي. «وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ» يعني: الكفار فهو عموم يريد به الخصوص «رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ» أي: راحة ورخاء بعد شدة وبلاء، وقيل: أراد السعة بعد القحط «إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا» أي: جعلوا مكان الشكر في كل نعمة كفرًا، وقيل: مكروا الدين وأهله، ودبروا في إبطال الإيمان، وقيل: احتالوا في أمر