التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون 24 والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 25}

صفحة 3350 - الجزء 5

  · الإعراب: (مَثَلُ) رفع بالابتداء، وخبره في قوله: «كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ» والكاف كاف التشبيه، وفي المشبه والمشبه به أقوال:

  الأول: شبه الحياة الدنيا بالنبات على تلك الأوصاف في الاغترار، والمصير إلى الزوال، عن الأصم وأبي علي وأبي مسلم.

  والثاني: شبه الحياة الدنيا بالماء مما يكون به من الانتفاع، ثم الانقطاع.

  الثالث: شبه الحياة الدنيا بحياة مقدرة على هذه الأوصاف؛ لما يقتضيه ظن أهلها أنهم قادرون عليها.

  الرابع: أراد أن الدنيا لا تخلص من كد وعناء، ثم عاقبتها إلى زوال كحال الزارع وعنايته، وطروء الآفات عليه.

  «ازَّيَّنَتْ» أصله «تَزَيَّنتْ» أدغمت التاء في الزاي، أحدثوا هذه الألف؛ لئلا يبتدئوا بساكن.

  · المعنى: لما تقدم ما يوجب الترغيب في الآخرة والتزهيد في الدنيا، عقبه بذكر صفة الدنيا، وضرب المثل لها، فقال سبحانه: «إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» قيل: صفة الحياة الدنيا، وقيل: شبه الحياة الدنيا في سرعة فنائها وزوالها «كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ» أي: المطر «فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ» قيل: أنبت فيها واختلط النبت، وقيل: اختلط ما يأكل الناس بما تأكل الأنعام، وقيل: اختلط ما يقتات بما يُتَفَكَّهُ به، ثم فصل ذلك،