قوله تعالى: {ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون 28 فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين 29 هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون 30}
  «فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا» فيه إضمار كأنهم يقولون: بلى كنا نعبدكم فيقول الشركاء: كفى بِاللَّهِ حسيبًا شهيدًا بيننا وبينكم، وإنما قال: [«بَيْنَنَا»] ولم يقل علينا؛ لأن بيننا بمعنى لنا وعلينا، فهو أعز وأحسن «إِنْ كُنَّا عَنْ عبادتِكُمْ لَغافلِينَ» أي: ما كنا عن عبادتكم إلا غافلين، كنا لا نسمع، ولا نبصر، ولا نعقل، وهذا يصحح ما حملنا الآية عليه في قوله: «مَا كنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ» أنه بمعنى ما كنا نشعر، أو ما كان بأمرنا وإرادتنا، وقيل: معناه يعلم اللَّه براءتنا مما كنتم فيه «هُنَالِكَ» في ذلك المكان، وفي تلك الحال إشارة إلى موضع المخافة والوعيد «تَبْلُو» بالباء قيل: تختبر، عن ابن عباس وأبي مسلم والأصم، وقيل: تعلم وتيأس، وقيل: تقرأ «كُلُّ نَفْسٍ» صحيفتها، عن أبي مسلم والفراء، وقيل: تتبع ما قدمت من خير أو شر، عن الأصم، وقيل: تعاين، عن ابن زيد «مَا أَسْلَفَتْ» ما قدمت «وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ» أي: إلى موضع حكمه فلا يحكم فيه غيره، وقيل: إلى جزائه فيجازي كل أحد بما يستحقه، وقيل: ردوا إليه بعد أن كانوا آبقين إلى الشياطين كالعبد الآبق يرد على مولاه «مَوْلاهُمُ» مالكهم وسيدهم وخالقهم، وقيل: ألجئوا إلى الإقرار بالإلهية، فأقروا له دون غيره «الْحَقِّ» قيل: القديم الدائم الذي لا يفنى، وما سواه يبطل، وقيل: الذي طاعته حق، وهو الذي تحق له العبادة، وقيل: الذي كل حق مِنْ قِبَلِهِ «وَضَلَّ عَنْهُمْ» هلك عنهم «مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ» أي: يعبدون من الحجر وغيره، ويعتقدونه إلهًا، وافتراؤهم قولهم: الأصنام تَقْدِرُ على النفع والضر، وأنها تستحق أن تعبد، وقيل: الفرية قولهم: هَؤُلَاءِ شفعاؤنا.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى يحشر جميع الخلق [من] قبورهم إلى الموقف.
  وتدل على إثبات المعاد.